العدائية المُسّْتتِرة!

أشار الدكتور ريتشارد أوكونور في كتابه “إعادة الضبط” إلى أن بعض الناس توجهه سيء أغلب الوقت، كالأشخاص دائمي الغضب، أو الذين يحملون حنقاً بداخلهم ضد المجتمع، حيث يُثار الواحد من هؤلاء القوم بسرعة مخيفة في مواقف عدة.
ومثال على ذلك،عندما يكون أحدهم يقود سيارته، والتي من خلال هذه القيادة تظهر أسوأ ما فيهم؛ فعندما يجلسون خلف إطار القيادة، ينزعون إلى أن يكونوا أكثر عدوانية ودفاعاً عن أنفسهم، فهم في حالة من التَّوجّْس وتوقع حدوث الخطر، بل ويجنحون إلى التأهُّب لمبادرة من حولهم بالاشتباك أكثر مما يفعلون لو أنهم كانوا في مواجهة من حولهم وجهاً لوجه.
وهذه العدائية المستترة تظهر في مواقف عدة، وخاصة عندما نستتر وراء أسماء مستعارة، أو نقبع خلف شاشات جوالاتنا، أو عندما نكون داخل سياراتنا.
وحتى يسهل الاستدلال على كينونة هذه العدائية المستترة الذي نقع تحت تأثيرها دون أن نشعر، دعونا نتأمل حال الكثير منا؛ فمعظمنا -ممن أصيب بداء هذه العدائية المستترة- يستغرق وقتاً أطول في موقف السيارة لو أننا وجدنا شخصاً آخر ينتظر الحصول على ذات الموقف، أما إذا أطلق ذلك السائق المُنتظِر بوق سيارته، أو أضاء مصابيحها؛ فإن الأمر سيستغرق وقتاً أطول، وربما يتطور إلى مشاجرة صامتة منزوعة الكلام والسلام من خلف الأبواب.
وعلى سبيل المثال أيضاً، ما يقوم به البعض من عبث بالممتلكات العامة،كالحدائق والمتنزهات، ومن كتابةٍ على الجدران، واستغلال أوقات الاحتفالات العامة للتخريب والإيذاء.
إنَّ الهوية المُبْهمة والعزلة القاتلة تُجذّران لتشكيل هذه العدائية داخل أنفسنا، وتمنحها قوةً وجرأة في غير موضعها على فعل أشياء لن نفعلها لو كنا في مواجهة الناس وجهاً لوجه.
ولعلَّ السبيل للخروج من هذا المأزق الذهني، هو الاستعداد لتكوين هوية جديدة واضحة المعالم تستند إلى القيم الإسلامية، ومحاولة اكتساب مهارات الذكاء العاطفي.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

تعليق واحد على “العدائية المُسّْتتِرة!

سامية _ السهلي🌴

لو كل مسلم ومسلمة تجملوا بخلق الرسول عليه افضل الصلاة والسلام
كان (خلقهُ القرآن) بكل ماتحملهُ العبارة من
معاني لكان ارتاحت البشريه من من كثير من البشر لكن سبحان الله ….

مقال رائع استاء سليمان البلادي
تحياتي لكَ🌴

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *