تعودنا أن نسمع الكثير من العبارات المُحفِزة والإيجابية، وهي مع فضْلها وفائدتها، إلَّا أن الإفراط فيها، واستخدامها في غير موضعها؛ يُضّعفُ تأثيرها، بل وينقلها إلى ضفةٍ أخرى من السُّميّة التي لا تُرى.
فقد غلب على ثقافتنا أن الإيجابية مطلوبة، وتقترن بجلْب الخير لصاحبها، لكن ثَمَّةَ شَرّ مدْسُوس في مطايا خير بيّن.
وهذا الشَّرُّ يكمن في الإيجابية السَّامّة التي تخالط شغاف قلوبنا بإيجابية ظاهرة لنا.
إنَّ الإيجابية السَّامّة كما عرَّفها موقع “فيري ول مايند” (VeryWellMind):
“الاعتقاد بأنه بغض النظر عن مدى صعوبة، أو شدة الموقف الذي تمر به؛يجب عليك الحفاظ على عقلية إيجابية ورفض المشاعر السلبية”
والإيجابية السَّامّة بهذا التصّور تجعل الحياة خالية من العقبات والآلام، وهذا يتنافى مع طبيعة الحياة وحقيقتها، بل ولا يتناغم مع بشريّة الإنسان التي تتأرجح بين القوة والضعف،وبين الفرح والحزن.
ويمكن للإنسان أن يتنبه من الوقوع ضحية لهذه الإيجابية السَّامّة عبر معرفة أبرز تمظهراتها، فقد رصد (سيذ جيه. جيلهان) استشاري الطب النفسي، ستة مظاهر لهذه الإيجابية السَّامّة، وذلك وفقاً لما نشره على مدونة “ويب إم دي WebMD”
١- ادّعاء السعادة: حيث يسخرون من آلام الناس ومشاعرهم تجاه ما يمرون به، بينما ما زالوا ينكرون واقعهم التعيس بغلافٍ من الإيجابية الزائفة.
٢- الاحتماء وراء الإيجابية: فحين تقابل صاحب الإيجابية السَّامّة؛ يخبرك بأنه على ما يرام، وإنْ شكوتَ له ردَّ عليك ببضع جمل إيجابية جوفاء، مع أن العلاقات الإنسانية تتطلب التعاطف وتبادل المشاعر ومشاركة الهموم.
٣-عدم الاكتراث: وهذه سمة يتصف بها من تُخبره بأنك ما زلت تعاني من حالة حزن لأمر ما؛فيرد عليك قائلاً: أنا أحرص على التحلي بالإيجابية.
٤- نظرية نصف الكوب الملآن: وأصحابها لن يتجاهلوا أحاسيسك وحسب، بل سيتحدثون إليك عن الإيجابيات في وقت غير مناسب.
٥- العدوانية غير المباشرة: فتراهم ينشرون عبر حساباتهم عبارات المديح لحياتهم المثالية، ويلتقطون صوراً تطفح سعادة؛ من أجل تمرير فكرة أنه يعيش حياةً سعيدة.
٦-إنكار المشاعر: وهؤلاء تعودوا ألا يسمحوا لأنفسهم بمواجهة مشاعرهم السلبية، بل ويداومون على إنكارها، ووضع الحواجز بينهم وبينها.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي