حياةٌ ذات بهجة!

من طبيعة الحياة وتسارُّع أحداثها؛ أنه يمكن لها أن تقذف بنا في وادٍ سحيق من الصعاب، في حين أننا كُنَّا نُمنّي النفس بحياةٍ ذات بهجة.
والناس في تباين جليٍّ بين الاستسلام لتلك الصعاب، وبين القدرة على تجاوزها.
إنَّ إدراك كينونة هذه المعادلة؛ من شأنه أن يساعدنا على فَهْم أحد أكثر الجوانب المُحيّرة في تجارب التَّحوُّل الناجمة عن معاناة الحياة.
ولعلَّ أحد العوامل المهمة في هذا السياق هو الدرجة التي يواجه بها الإنسان معضلته بصورةٍ مباشرة؛ إذْ أنَّ تَجَنُّب المواجهة؛ يُخفّض احتمالية حدوث تحوّل.
وهذا ما أكَّد عليه عالِما النفس (ليس لانكاستر) و (جايسون بالف رامان) حيث قاما بدراسة استجابات عدد من الأشخاص تجاه أحداث مأساوية كمرض السرطان، والفقد، ومشكلات العنف الأسري؛ حيث وجد العالمان أن أولئك الذين كان لديهم ميل إلى تَجَنُّب مواجهة مشكلاتهم؛ انخفض احتمال حدوث تطور بعد حدوث الصدمة من السرطان والفقد، والعنف الأسري، أمَّا أولئك الذين واجهوا مشكلاتهم وتقبلوها؛ فقد تطوُّروا بطريقة إيجابية، بل أنّهم أصبحوا أكثر سلاماً وتصالُّحاً مع أنفسهم، وأنَّهم يشعرون بأن هناك المزيد من المعنى الجميل، والغاية الأسمى في حياتهم.
وهذا يُشيّر إلى أنَّ ما يزيد احتمالية حدوث تحوُّل لدى الإنسان الذي يتعرّض للمعاناة، هو تحلّيّه بفضيلتي الشجاعة والواقعية؛ فالأشخاص الأكثر شجاعةً؛ يزيد احتمال أن يواجهوا معاناتهم بكل ما يصحب ذلك من قلق وتوتر في بداية الأمر، في الوقت نفسه، فإن الأشخاص الأكثر واقعية؛ يقل احتمال أن يخدعوا أنفسهم بالآمال الكاذبة.
إنَّ التَّحَلِّي بالشجاعة والواقعية في مواجهة معاناتنا هو المرحلة الأولى من تقبُّل واقعنا، والخطوة الأولى نحو حياةٍ ذات بهجة.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *