الألم.. حليفنا الخفي!

حين تعصف بك الحياة، وتتكالب عليك أحداثها؛ تشعر أنَّ ثَمَّةَ أَلِمٍ قد يتسلل إلى داخلك، ويحكم بقبضته على مفاصل حياتك، ويقذف بك في غياهب الجُبِّ دون أية إشارة إلى أنَّ هناك سَيّارة سيمرون بك.
وبالرغم من ذلك، يمكن أنْ يكون ذلك الألم حليفاً خَفيّاً قوياً لك في الحياة.
ومثال ذلك، الألم من الخيانة الشخصية التي يمكن أنْ تؤدي إلى عملية التَّجنُّب القسري؛ اتقاءً من الوقوع مرةً أخرى في مرارة ألم الخيانة.
فمع اتَّخاذ الألم حليفاً خفيّاً؛ يمكننا توجيه تلك الطاقة المؤلمة نحو غرضها الأصلي في تأسيس علاقات واعية وصحية.
الألم والغاية وجهان للشيء نفسه؛ فمن المحتمل أن يكون الشخص الذي يعاني من الاكتئاب شخصاً يتوق إلى الشعور بالامتلاء، مثل الشخص القلق اجتماعياً الذي قد يَخفى عليه أنَّ بداخله تَوُّقٌ إلى التواصل مع الآخرين.
فالإنسان يتأذَّى حيث يحب، ويحب حيث يتأذَّى.
وحتى يتمكن الإنسان من الوصول إلى هذه البصيرة النَّافذة التي تجعله يرى في ألمه حليفاً خفيّاً قوياً، عليه أنْ يُروُّضَ نفسه على النَّظر إلى أفكاره من مسافةٍ كافية؛ حتى يتمكن من اختيار ما يقوم به بغض النظر عن لَغْوِ ذهنه، ثم عليه أنْ يلاحظ القصة التي أنشأها عن نفسه، واكتسبتْ معتقداً حول من يكون، ثم عليه أنْ يسمح لنفسه بالشعور حتى عندما يكون هذا الشعور مؤلماً أو يخلق بداخله إحساساً بالضعف، ثم عليه أن يقوم باختيار وصفات الـ “أن تكون” والـ “أن تفعل” اللذين يريد أن يتطور نحوهما، وأخيراً عليه القيام بإنشاء عادات تدعم هذه الاختيارات.
إنَّ من شأن هذه المهارات أن تجعل صاحبها لديه القدرة على الاستفادة من طاقة أفكاره ومشاعره، حتى السلبية منها، وتحويلها إلى طاقةٍ للنمو ، فهي لا تساعد صاحبها في مواجهة مشكلات محددة في الحياة، بل أنها تتيح له أنْ يعيش حياة أكثر صحةً نفسية، ووفرةً في المعنى.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *