لماذا نُصاب بالملل مِنْ زوجاتنا؟!

خلال تطوُّر الحياة؛ تُصبح الحياة أكثر وعياً، ولكن الناس يربطون الوعي بمقدار ما يتم الحصول عليه فقط؛ فهم يسعون دوماً إلى إدراك أمور معينة، بينما الوعي ليس بالضرورة من أجل إدراك أمرٍ بعينه، وإنما غايته أنْ يُصبح الإنسان هو الوعي نفسه.
فعندما تُدرك شيئاً ما؛ فأنت لا تعي أنك تُدركه.
إنَّ وعيك يقوم بالتركيز على شيءٍ ما؛ مما يجعل انتباهك مُوجّهَاً ليس على مصدر الوعي نفسه.
وعلى الإنسان بَذْل الجهد من أجل إدراك هذا وذاك، أي الشيء ومصدره.
إنَّ الوعي يسير في اتجاهين، فيُمكنك التفكير في الشيء، وفي الوقت نفسه يُمكنك التفكير بما هو خارج ذلك الشيء.
فالوعي هنا يأتي كجسرٍ ممتد باتجاهين، إذ يمكن ألَّا ننسى خارج الشيء ولا نفقده، عندما نُركّز على شيءٍ ما.
وهذا التَّحوُّل في الوعي يجمع بين أمرين: أن يتذكر الإنسان نفسه في اللحظة نفسها عندما يكون هناك شيء يجب إدراكه.
لكن المُعْضِلة تكمن في أن الإنسان يدرك شيئاً ما، أو يفقد الوعي.
ويمكن لنا ربط ذلك بواقع الحياة، فعندما تظهر أشياء جديدة؛ يُصبح الإنسان أكثر وعياً.
وهذا يُفَسّر لنا العطش إلى الجديد والطموح إليه، إِذْ يُصبح القديم مُملاً.
فعندما يعيش الإنسان بعض الوقت مع شيءٍ ما؛ يتوقف إدراكه ووعيه، وبعد أن يتقبَّل أي شيء، لا يحتاج الأمر إلى انتباهه؛ مما يجعله يشعر بالملل.
ومثال ذلك، قد لا تُدرك وجود شريك حياتك سنوات طويلة تمام الإدراك؛ لأنك تَقَبلّت الأمر على أنه أمر حاصل، وواقع لا شك فيه، ونعمة مفروغ من توفُّرها.
ويقفز هنا سؤال محوري:
لماذا نُصاب بالملل من زوجاتنا؟
ذات السؤال يمكن توجيهه للطرف الآخر من شركة الحياة.
فأنت لم تعد ترعى ذلك الشريك الرعاية الكافية، ولم تعد تمنحه الاهتمام اللائق به.
فقط عندما تفقد ذلك الشريك؛ تعود كي تُدرك مرةً أخرى أن ذلك الشريك كان موجوداً، لكن بعد فوات الأوان.
ولعلَّ هذا يُفَسّر لنا سبب الملل من الأزواج والزوجات من بعضهم البعض.
ويمكن لنا قياس ذلك على ما يُصيب الإنسان من تَبَلُّد الحسِّ في استشعار تَذَكُّر النِّعَم، والتماس الجمال في مظاهر الطبيعة؛ حيث أن الإنسان يأْلف منظرها فيزهد فيها.
ويمكن للإنسان تجاوز هذا الملل عبر إدراك كينونة الحياة التي تقوم على التدفُّق والحركة والجريان، وليست السكون واللا حركة.
كذلك عبر إحداث تجارب حياتية صغيرة؛ من شأنها منحه موجةً جديدة من الوعي تساعده على مواصلة رحلة الحياة بشغفٍ وسعادة.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “لماذا نُصاب بالملل مِنْ زوجاتنا؟!

غير معروف

صحيح وهذا المؤسف التباعد الذي يزيد بزيادة التعود دون الادراك لقيمة هذه النعمة العظيمة

سلطان حمادي

غير صحيح أننا نصاب بالملل من زوجاتنا ربما بدون تعميم أفضل كقولك يصاب بعضنا بالملل ،،،،،،،،،،،،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *