يحتاج الإنسان بعض جرعات النصح التي تمنحه دَفْقاً من الأمل، وتزوُّده بطاقةٍ ذهنيةٍ تُعيّنه على مواصلة رحلة الحياة.
ولعلَّ من أبلغ النصائح تلك التي قالها ذلك البدوي لابنه حين شَعَر بدنو أجله:
“أي بني، احفظ عني خمساً:
تَصالحْ مع قَدرك مهما كان عصيباً، وأبسط نفوذك على نفسك فقط، وكُنْ نفسك، وعش بأقل قدر من الشقاء، واصنع بهجتك بأبسط الأشياء”
والمتأمل لهذه النصائح؛ يجد أنه من الحكمة إدراك أن أقدارنا ليست بحاجة إلى إصلاح بقدر حاجتنا إلى أن نعيش في حالةٍ من التصالح معها، وأن حدود سيطرة الإنسان على نفسه دون غيره، فلا سلطان له على الناس، ولا على طرائق عيْشهم، وأن من البصيرة أن يعيش نفسه، لا أن يعيش وفق ما يراه غيره، كذلك من الحكمة أن يعيش بأقل الأضرار من الشقاء عبر تسليم أمره كلياً لله عزَّ وجل، وأن يصنع لنفسه حالةً من الابتهاج والسرور بأيسر الأشياء التي في متناوله.
ولعلَّ في هذه النصائح عزاءات للإنسان من نَصَب الحياة وكدرها من شأنها أن تكون له مرشداً ومعيناً في مواجهة تحديات حياته، وأن يعمل بها سواءً قيلت له في خيمة وسط الصحراء، أو في مقهى بشارع الشانزليزيه؛ ذلك أن الفلسفة التي ترتكز عليها هذه النصائح تتعدى الفعل الفيزيائي؛ لتصبح مجازاً يعبر بنا الحياة بأسرها من خلال بناء المرونة النفسية، والقوة العقلية اللازمة لمواجهة عقبات الحياة.
سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي