عادةً يكون اهتمامنا مُجزَّأً في المجرى الطبيعي للحديث؛ فنحن نسمع بعضاً مما يقوله الآخرون؛ بالقدر الذي يُكْفينا لمتابعة الحديث والمضي فيه، في الوقت الذي نُخطط لما سنقوله قبل أن يفرغ المتكلم من حديثه.
والسبب في ذلك، إن اهتمامنا يكون مركزاً على أفكارنا، ومشاعرنا، وخبراتنا، لا بأفكار المتكلم ومشاعره وخبراته.
وهذا توصيف لأغلب صور أحاديثنا مع بعضنا البعض.
في المقابل إذا تخلينا عن تلك الرغبة المتوحشة المخبوءة في أنفسنا؛ سنجد أنَّه من اليسير -نسبياً- الاستماع بصورة فاعلة لحديث المتكلم.
ومع أنَّ هذه الوصفة المعتادة؛ لنُقلِّل من حديثنا، ونزيد من استماعنا، إِلَّا أن هذه الوصفة غير مجدية، ولا يكون مفعولها بالقدر الكافي ما دمنا نُفضّل الاستجابة لرغباتنا المخبوءة في الانتصار للنفس بكل موقف.
ويمكننا الخروج من هذه المنطقة الذهنية المُتأزِّمة عبر تهيئة أنفسنا بطريقة مُحفِّزة تدفعْنا لعكس هذه الطاقة الضاغطة.
ويمكن سحْب أنفسنا لذلك عبر إدراك أن كل إنسان تلقاه يمثل منطقة غير مكتشفة بالنسبة لك، حتى وإن كنت تقاسمه خبز الأيام، وهكذا يمكنك النَّفاذ إلى عقول الناس.
فالناس عندما يشعرون بالارتياح معك في الحديث؛تجدهم أنهم يتحولون إلى إكْثار الحديث عن كل ما يشغل اهتمامهم، طفولتهم، عائلاتهم، نجاحاتهم، أمور أثيّرة على قلوبهم.
فإذا نجحت في ذلك؛ استطعتَ أن تجعل مُحدثِّك يخرج من لقائك، وقد تحسَّنتْ مشاعره، وحالته المزاجية، ونظرته تجاه نفسه؛ وأنت بذلك جعلته يصبح نجم المشهد، وسيتطلع إلى لقائه القادم بك.
سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي