تعریف خط الاستواء عند علماء الفلك أنه خط وھمي یقسم الكرة الأرضیة إلى نصفین : نصف الكرة
الأرضیة الشمالي، ونصفھا الجنوبي ودائرة عرض جغرافیة (صفر)، والغرض منه ھو معرفة اختلاف
المناخات في العالم، مختلفا في دوره عن خط غرینتش الذي ھو من خطوط الطول والذي یطلق علیه البعض
بخط الزوال ویمثل نقطة البدایة لقیاس المسافة بین الشرق والغرب.
تعمقت أكثر في القراءة عن خطوط الطول ودوائر العرض؛ ومن منطلق المقولة الشھیرة التي وردت عن ألبرت اینشتاین (التعلیم لیس مجرد تعلم الحقائق وإنما تدریب العقل على التفكیر) وعبر قناعة ألا یختلفُ أحد عن المضمون والفحوى قارنت بین التبذیر والتقتیر؛ فالتبذیر بمثابة ثقافة وھمیة یعتقد ُ من خلالھا حسن التصرفات المالیة ، والوجه الآخر من المقارنة ھو المبالغة في المحافظة على المال حتى یصل إلى التقتیر
على نفسه ومن حوله -ظنا منه أنه یحتاط للمستقبل- والواقع أنه حرم نفسه من السعادة وسلبھا ممن حوله فكلا الأمرین وھم.
المقیاس الواقعي یتحقق عندما یكون الإنفاق أقل من الدخل؛ فتتكون الوفرة أو الفائض أو الاحتیاطي
أو حتى الثروة التي تواجه بھا ظروف الأیام وخشیة الإعسار وویلاته وغولة الدھر.
وعندما یتسنى له الخروج عن دائرة التقتیر والابتعاد عن أطوال التبذیر المعلقة بالأمل، سیقف على ضفاف التوفیر وعندئذ سیتحدث بلغة الاقتصاد ویقیم العوامل المشتركة بین المخاطر واستثمار الفرص.
المفارقات العجیبة والمنطقیة في آن واحد، والتي قد تشاھدھا وأنت تقرأ عن المال وأحوال الناس معه
أن أفضل المدن وأشھرھا كقوة مالیة تجدھا أكثر المدن في استخدام بوالص التأمین؛ وھذا دلیل عملي على أن المال مھما كثر یظل عنصر المخاطرة حاضراً.
تعددت شركات الاستثمار وانتشرت شركات التمویل وأصبحت منافساً للبنوك والمؤسسات المالیة
حالھا كحال صنادیق الاستثمار في الذھب والعقار وغیرھا كمنافس للأسھم وأسواق الأوراق المالیة.
ظھرت لنا مفردات المخاطر، الاستثمار، القیم الاستثماریة، المحافظ، التمویل، التكالیف، التأمین،
تحلیل الأوراق المالیة، العوائد والمنافع المتوقعة والكثیر منھا صنعت الانسان المصرفي المفكر في
مضاعفة مدخراته أو على أقل تقدیر المحافظة علیھا.
المجال المالي مجال رحب وله أوجه مختلفة وصور متنوعة فبین تجارة محلیة وتجارة دولیة تستبعد
تماماً أن یمضي العالم بلا مال أو ذھب أو ما تكتنزه الأرض فجمیعھا وسائل إقتصادیة فعالة.
تعلمنا لغة الائتمان وتعاملنا بالتحویل المالي وأدركنا مفھوم الدفع والقبض والتقسیط وحررنا
الكمبیالات واستخدمنا الإعفاء وتعایشنا مع حیتان القروض ومارسنا الضمانات.
فكانت النتیجة أن جالت السلع والخدمات العالم فازدھرت حضارات وأبدعت عقول بشریة في إدراك
خفایا عالم المال والاقتصاد.
فالجمیع جزء من ھذه المنظومة المالیة، لذلك شاھدنا التضخم والانكماش والاحتكار وصور متعددة
من أحوال الاقتصاد والمال وعرصاته.
للكاتبة آني مارولیندبیرج في كتابھا sea the from GiŌ عبارة مناسبة (لیست حیاة البساطة ھي
التي یحذرنا منھا الحكماء، وإنما حیاة الدعة) طبق ھذه المقولة بذكاء على المال الذي بین یدیك والدخل الذي
تحققه فالمحافظة علیه والاھتمام بتنمیته حتماً ستصنع الاستقرار النفسي وتبتعد بك عن النوائب وتقترب بك
أكثر اتجاه السعادة والرخاء والغبطة.
اجتھد في أن تنفق في أفضل منفعة لك، اقتني اللازم من الحاجات لا ما تشتھیه ، اعمل على أن تكون
معیشتك قریبة جدا من مستواك الاجتماعي، ابتعد قدر المستطاع عن التقسیط واعمل على جعل الادخار فلسفة
حیاتیة ستجد الصعوبة في بدایة الأمر ثم ما تلبث أن تكون عادة حمیدة.
إن استخدام المعرفة في المجتمع وتفعیل التكامل بین المعلومات بإتقان والبعد عن التنظیر المطول
سیمكن الجمیع من كیفیة التعامل مع المال وإنمائه بسلاسة والسیطرة بكفاءة على المخاطر وھذا واقع الطبیعة البشریة العقلانیة عند التعامل مع الإمكانیات المتاحة.
عبدالله عمر باوشخه
مقالات سابقة للكاتب