وشفيك يالصدر الشمالي!

في حياتنا الاجتماعية يُقْبلُ الناس على من يتسم بسعة صدْره، وسماحة نفسه، وفيْض حلْمه، بل وينال لديهم المحبة والتقدير والاحترام.
وربما يشتهر أحدهم بين معارفه بهذه الصفات، حتى أنهم في أغلب الأحوال ينكرون عليه إذا ما بدر منه خلاف ذلك.
ولعلَّه ربما يغيب عن هذا المشهد الاجتماعي، وعْينا بأهمية التعبير عن المشاعر، ودورها في توجيه بوصلة أفكارنا وسلوكياتنا، وأن المرور بمشاعر مختلفة والتعبير عنها جزء أصيل من حياتنا، بل أن تجاهلها، أو كبْتها؛ يُفْضي إلى عواقب وخيمة في قادم الأيام؛ فنجد ذلك الحليم -فجأةً وبدون مقدمات- قد خرج عن طوره في الوقت الخطأ أمام إنسانٍ لا ذنب له.
ومما يغيب أيضاً عن هذا المشهد الاجتماعي، أنه ليس بالضرورة أن تكون في كل أوقاتك مُبْتَهِجَاً مسروراً، فمن الطبيعي أن تمرَّ بلحظات تختلط فيها حالة ابتهاجك بشيء من الكدر والضجر، فعليك ألَّا تخجل من ذلك، فهي جزء من بشريتك وإنسانيتك.
ومما سَكَنَ ذاكراتنا من علو مكانة الحلم، وسمو منزلة سماحة النفس؛ يمكن لبعضنا أن يعمدَ إلى دَفْع نفسه على الاتصاف بسعة الصدر دون أن يدرك أن في ذلك مشقة على نفسه، وعناء كبير لا سبيل له في حمْله.
وأمله في ذلك أن يحظى بصدرٍ شماليٍّ لا يظهر للناس ضجره، وتكدر حاله، بل ويكون مضرب للأمثال في سعة صدره.
ويمكن لنا الاعتدال بين الإفراط في بلوغ الحلم، وإطلاق العنان لعاطفة الغضب، وتقدير الأمور بمقدار الحكمة والتروي؛ ذلك أنّ الطبع غلَّاب صاحبه وهو في مجاهدة عظيمة معه؛ فليستعن بالله على ذلك ما استطاع سبيلاً.

* الأبيات لقائلها:

‏وشفيك يالصدر الشمالي تضايقت
‏والناس تضرب في سعتك المثايل

‏ أفا ياصدري ضقت من جاير الوقت
‏ خابرك يابعد حيّي تشيل الثقايل

‏وش فيك علمني لك أيام ما رقت
‏ ضايق وفيك الهم صايل وجايل

‏خابرك ماعمرك للأحزان رافقت
‏واليوم كنَّك شايل جبال حـايل

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *