السهم الأكثر خطورة!

يغمرنا سيلٌ من الأفكار والمشاعر المتتابعة عند حدوث مكروه، أو عند إساءة أحدهم لنا في المعاملة.
وربما يمتدُّ هذا الأمر معك طوال الليل وأنت تفكر فيما كنت تتمنى أن ترد به من قولٍ، أو فعلٍ على ما حدث. ويمكن لعملية الاجترار أن تصحبك أياماً أو أكثر.
وتشبه هذه العملية -التي تتكون من خطوتين، من الحدث نفسه، ثم ردود الفعل الأولية والثانوية التي تلي الحدث- بسهمين، الأول هو الألم الجسدي أو الانفعالي الذي لا يمكن تفاديه، أما السهم الثاني فهو ما نُصوُّبه نحو أنفسنا، أو باتجاه الآخرين.
فإذا كان السهم الأول خارج حدود سيطرتنا، فإن السهم الثاني عادةً يكون تحت إدارتنا، ويخضع لسيطرتنا، لكن ما يحدث أننا نخفق في إدارته، وإحكام السيطرة عليه، بل هو من يوجّه أفعالنا بعد أنْ يُحكم سيطرته على عقولنا.
ويتغذَّى السهم الثاني على القلق الشديد، والغضب الذي يتملَّكنا تجاه حدثٍ ما. وبهذا يكون السهم الثاني مصدراً لكثيرٍ من المعاناة.
ولوضع أساس جيد لمعالجة تدفُّق هذه السهام، علينا بالوعي بكينونة هذين السهمين؛ وهذا من شأنه أن يجعلنا نتحلَّى بجوهر قوي يتسم بالسلام، والحكمة، والطمأنينة.
ونتيجةً لذلك؛ سنجد أن مواقف، وعلاقات معينة كانت تمثل سهاماً أولية لا يمكن تجنَّبُّها؛ قد أصبحت أقل إزعاجاً، وأخف ضرراً عما سبق.
ومن الأساس الجيد للمعالجة، إدراكنا بأن هناك ثَمَّةَ صوتين مختلفين داخل كل منا، أحدهما داعم،والآخر ناقد.
فالصوت الداعم الداخلي يُشعرك بالتعاطف مع نفسك، ويعمل على تشجيعك، أما صوت الناقد الداخلي فيساعدك على إدراك متى جانبك الصواب، وما أنت في حاجة إلى القيام به من أجل إرجاع الأمور إلى نصابها الصحيح، لكن الملاحظ لدى الكثيرين أن الناقد الداخلي يتمادى كثيراً، ويتمدد داخلنا في صورة توبيخ، وتصيُّد الأخطاء، وتذمُّر،والشعور بالخزي؛ الأمر الذي يؤثر بالسلب على صحتنا النفسية، فضلاً أن هذه المشاعر السلبية تُقوّض الإحساس بالثقة، وتقدير الذات؛ ولذلك نكون بحاجة إلى استعادة التوازن بين الصوتين عن طريق تحجيم الناقد الداخلي، وتقوية الداعم الداخلي.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *