بحظٍّ قليل، ونزْرٍ يسير، وحفْنةٍ بائسةٍ من الوعي، نستجيب لرغبتنا الدفينة في السيطرة على تفاصيل حياتنا كلها.
ونحن في ظل تماهينا مع هذه الرَّغبة؛ يُصيّبنا ارتباك الخُطى، وغبش البصيرة، وتلاشي العزيمة، وذوبان الإرادة، واستلاب الهوية؛ بسبب أن بعض الأمور خرجتْ عن نطاق سيطرتنا، واستعصتْ على قبضة إرادتنا.
إن إعادة قراءة الأحداث، وتدبُّر الأمور، وترتيب موازين القوى الذهنية، وصياغة تَشَكُّل قضايانا؛ من شأنه أن يمنحنا فَهْماً حكيماً، وسبْراً عميقاً لكينونة كيفية مُضيها، كما يجعلنا ندرك أن أشياء كثيرة تظلُّ خارج نطاق سيطرتنا، وعصيّة على تحكُّمنا.
إن وعينا لهذا الأمر؛ يجعلنا أكثر تصالُّحاً مع أنفسنا، وأقوى تسامُّحاً مع الآخرين، وأكثر شجاعةً في مواجهة عقبات الحياة.
فالإنسان في هذه الحياة بين ثلاثة أفعال:
أفعالٌ تقع عليه، كالظروف الخارجية.
وأفعالٌ تقع فيه، كعمل أعضاء الجسم.
وأفعالٌ تقع منه، كاختيار مسار الحياة.
ولعلَّ من رحمة الله ولطفه أننا لم نكن مسؤولين عن هذه الأفعال مجتمعة، بل جعل مناط مسؤوليتنا، وما هو تحت سيطرتنا، تلك الأفعال التي نقوم بها فقط.
إنْ تفهمّنا الحكمة من ذلك؛ بات سهلاً علينا أن نتقبل أن بعض الأمور ستظل خارج سيطرتنا، وأن علينا الانشغال بما يُمكننا فعله ويحقق مصالحنا؛ وهذا الأمر يساهم بشكل كبير في تحسين حالتنا النفسية، ويلعب دوراً فاعلاً في تقدمنا وازدهارنا.
سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي