تتشكّلُ صورة ذواتنا نتيجةَ عوامل خارجية، وأخرى داخلية.
ولعلَّ اللحظات الفارقة التي يَمرُّ بها الإنسان لها الدور الأبرز في ذلك التشكيل، وتكوين قالب ذواتنا عبر مزْجه لعجينة الذات ابتداءً، وتَكَوُّن التشكيل في صورته النهائية.
واللحظات الفارقة في حياتك ليست محصورة بمرحلة عمرية معينة، فهي تُشكّل أسلوبك في التعامل مع العالم من حولك، بغض النظر عن توقيت حدوثها.
فعلى مدار حياتك، ليست كل لحظة من لحظاتها يمكنك تذكُّرها وتحديدها، ومع ذلك هناك ثمَّة أحداثٍ ولحظاتٍ عرَّفتْ ذاتك، أو أعادت تعريفها.
وتلك اللحظات يُمكنها النَّفاذ إلى وعيك؛ لتُغيُّر صميم كيانك، وما تعتقده عن ذاتك.
فثمَّة جزء منك يتم استبداله، أو تعديله؛ نتيجةً لتلك اللحظة الفارقة، وترسم في راحة يديك خطوطاً جديدة لم تعهدها من قبل، وتظل تلازمك بقية العمر.
فبعد تلك اللحظات الفارقة؛ تتعرَّف على ذاتك استناداً إلى خبرتك عن تلك اللحظات؛ ولذا من المهم أن تُحدِّدها وتُقيِّمها.
فاللحظات المعرِّفة للإنسان إذا لم يكن لدينا الواعي الكافي بها؛ فإننا نتعامى عن أنفسنا، ولا ندركها بشكلٍ جيد.
وهذا الوعي الجيد بتلك اللحظات من شأنه أن يُعيِّد تواصلنا مع ذواتنا الحقيقية، ويمنحنا قدرةً في إدارة الطريقة التي نشعر بها تجاه ذواتنا.
ولحظاتك الفارقة في حقيقة أمرها تكون على نحو جيد، عندما تكون الباب الذي يُفتح على ذاتك الحقيقية، في حين قد تكون على نحو سلبي، عندما تنجح تلك اللحظات في إثارة انفعالاتٍ سلبية هائلة، وخوفٍ تشعر به تجاه ذاتك، أو تجاه العالم من حولك.
وهذا يتطلب من الإنسان قدراً كبيراً من الوعي والإدراك لتوظيف تلك اللحظات الفارقة في خدمة أهدافه وغاياته الأسمى.
سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي