يظلُّ الذكاء العاطفي مطلباً أساسياً في توجيه حياة الإنسان نحو الوصول إلى مراده، وصنع علاقاتٍ طيبة ومؤثرة مع الناس، وعيْش حياةٍ تنخفض فيها نسبة الصراعات بشكلٍ كبير.
وبالرغم من تعدُّد أنواع الذكاءات، إِلّا أن الذكاء العاطفي لا يزال محافظاً على صدارته في الأهمية والضرورة.
ويمكن القول أنه من أهم علامات الإنسان الذي يتسم بالذكاء العاطفي، وعيه الذاتي والاجتماعي، والقدرة على التعرف على المشاعر وتأثيرها على نفسه والآخرين.
كذلك التروي قبل الإقدام على اتخاذ قرارٍ بعينه يتطلب عدم التسرُّع.
وثالث هذه العلامات، حُسن إدارة ردود الأفعال تجاه المشاعر السلبية التي تقتحم حياتنا اليومية.
ويأتي التعامل الواعي مع النقد -كعلامة رابعة من علامات الذكاء العاطفي- والمحافظة على انفعالاتنا، والاستفادة من النقد في معالجة الخطأ، وكيف يمكن لنا أن نتخذه طريقاً لجعْلنا بصورة أفضل.
وتأتي صفات الصدق، والنزاهة، والتعاطف، وحُسن الخُلق، والاعتذار عند الخطأ، ومد يد العون والمساعدة للناس كمزايا لصاحبها الذي يتسم بها، وعلامةً فارقة تُميّزه عن غيره؛ وتجعله صاحب قبول بين الناس، بل وتجعله مُلهِماً لهم في حياتهم.
وتظلُّ علامة حماية الذات من التخريب العاطفي من أكثر علامات الإنسان الذكي عاطفياً قوةً وجسارةً، وهي قدرة الإنسان على حماية ذاته من التلاعب بمشاعره واستغلالها لمصلحة الشخصيات الأنانية التي يتعامل معها.
فالذكي عاطفياً تكون عنده القدرة على اكتشاف مثل هذه الشخصيات؛ وبالتالي يتعامل معها بطريقةٍ لا تُمكنهم من الوصول إلى مبتغاهم، وهو إشباع أنانيتهم عبر استغلال مشاعر الناس والتلاعب بها، وهي من الأمور التي لا يمكن -للإنسان الذي ينخفض لديه مستوى الذكاء العاطفي- اكتشافها إِلَّا بعد أن يقع ضحيةً لها؛ وتكون وقتها أشد قسوة، وأعمق ألماً.
فالإنسان الذي يتسم بقدرته على حماية ذاته؛ نجده يفطن لهذا الاستغلال، ويتخذ التدابير اللازمة لحماية نفسه، وكشْف نوايا من يريد استغلاله في مراحل متقدمة، وهو بذلك -نعني الذكي عاطفياً- يحمي حياته من تخريبٍ عاطفي يمكن أن يفتك بها، ويُدخله في أزماتٍ نفسية قد يحتاج زمناً حتى يتعافى منها.
سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي