يُعرَّف الوعي بأنه حالة الإدراك التي تتيح للإنسان فهم نفسه والعالم من حوله.
ويتمثل الوعي في القدرة على التفكير والشعور، واستيعاب المعلومات الحسية والمعرفية.
ويعتبر الوعي عنصراً أساسياً يميّز البشر عن غيرهم من المخلوقات؛ لأنه يجمع بين الوظائف العقلية والعاطفية.
لكن يمكن للوعي، رغم ذلك كله، أن يحمل مخاطر ومحاذير عندما يُساء فهمه، أو استخدامه.
ومن المحاذير المرتبطة بالوعي، الإفراط في التفكير وتحليل الأمور؛ وهذا يمكن أن يُفْضِي إلى حالة من القلق والشك المزمن؛ وهذا بدوره يجعل صاحبه عالقاً في دوامة من التساؤلات دون القدرة على اتخاذ قرارات؛ ما يترتب عليه تعطيل حياته اليومية.
كذلك من المحاذير التي تكون نتيجة تَضَخُّمّ الوعي، تَشَكُّل الأوهام والتصورات الزائفة؛ فالإفراط في الوعي يصنع “حقائق” غير موجودة؛ بناءً على تصورات الفرد أو مخاوفه؛ وهذا يؤدي ذلك إلى سوء فهم العالم أو الآخرين، وقد يدفع الشخص إلى اتخاذ قرارات مبْنيّة على معتقداتٍ خاطئة.
أيضاً من المحاذير شديدة الخطورة لتضخُّم الوعي، العزلة النفسية، فالوعي الزائد قد يجعل الشخص يبالغ في تحليل ذاته أو مشاعره؛ ما يدفعه إلى الانعزال عن الآخرين؛ وتكون نتيجة ذلك أن الإنسان يفقد الشعور بالانتماء، وقد يتطور ذلك إلى الاكتئاب، أو فقدان الثقة في العالم من حوله.
ومن محاذير الوعي، التلاعُّب بالعقول عبر استغلاله من خلال أساليب التلاعب النفسي والدعائي، سواءً من الأفراد أو الأنظمة؛ فيتحول الوعي إلى أداة خطيرة لتزييف الواقع، أو السيطرة على الآخرين.
ولعلَّ من أكثر محاذير الوعي فَتْكَاً، وأشدها سُمّيّةً، تَوهُّم الإنسان أنه الوحيد الذي لديه القدرة على قراءة الواقع، وتحليل الأحداث، وأن غيره مُبْتَلى، ومسكين على قَدّ حاله، بل أنَّ الذي (مو واعي حاله صعيب حاله) ؛ لضعف وعيه، وقصور فهمه، وقلة حيلته، وأنه وحده بيده الحل لمشكلات المجتمع؛ نتيجة ما يملكه من حكمةٍ وبصيرة دون غيره؛ تجعله قادراً على تقديم الحلول والمقترحات للصعوبات التي تواجه الناس في حياتها.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@