الصلاة وفجر النجاة

🖋️تعرض ابني زيد ذو الخمسة عشر ربيعا لحادث مروع مساء السبت 21 شوال 1446هـ حيث اصطدم قبيل المغرب بشاحنة مخصصة لنقل الرمال وقد كان متجها لصلاة المغرب، وفقد الوعي وأُدخلَ العناية المركزة لمدة 5 أيام وكان أول ما نطق به بعد أن أفاق:
تراني ما بعد صليت” ، وقد تماثل للشفاء وخرج من المستشفى بفضل الله ورحمته، فكانت هذه القصيدة بعنوان:

الصلاة وفجر النجاة

يا زيدُ عذرًا إذا فاضت مآقينا
أو خاننا النطقُ في توضيح ما فينا

*****

يا زيدُ ما الحزنُ ذا، فاللهُ يَجبُرنا
وقد عهِدنا رجاءَ الله يكفينا

*****

نمضي على قدرٍ، والصبر يصحبنا
في كُلّ منعطفٍ من دربِ ماضينا

*****

كأنّما الحادثُ الموجوعُ قد خَطَفَتْ
ريحُ الأسى فيهِ آمالَ المحبّينا

*****

يا شرَّ شاحنةٍ كم كنتِ قاسيةً
على الحبيب، وهذا الجُرمُ يَكوينا

*****

كَبرتِ حجمًا وكم تمشينَ غطرسةً
ظننتِ أنكِ فوقَ الناسِ تهوينا !

*****

واللهُ أكبرُ ليسَ الحجمُ معجزةً
واللهُ أقدرُ أن يرميكِ ، تدرينا !

*****

أنتِ اتّبعتِ ترابَ الأرضِ في طمعٍ
وزيدُنا يتبعُ الأخلاقَ والدِّينا

*****

يمضي إلى فرضهِ، والنورُ يصحبُهُ
وأنتِ خلفَ حطامِ الأرضِ تجرينا

*****

لمَّا أفاقَ، جرى ذِكرُ الصلاةِ على
لسانهِ لم يَسل للجرحِ تسكينا

*****

فقال: إنّ صلاةَ الفجرِ قد وجبت
ولم أُصلِّ وأخشى الكربَ يُلهينا

*****

ما فاتهُ الفجرُ، بل قد كانَ يسبقهُ
قلبٌ إلى اللهِ، بالإخلاصِ يهدينا

*****

يا زيدُ، إن كنتَ في بلواكَ مبتئسا
فاللهُ أرحمُ من بؤسٍ يُدانينا

*****

اللهُ أرحمُ من طبٍ ومن قلقٍ
هوَ الشفاءُ لنا إذ عزَّ شافينا

*****

يا زيدُ، والصبرُ تاجُ الحُلم نحملهُ
وإن تعاظمَ سيفُ الهمِّ يؤذينا

*****

يا زيدُ، ما خِفتَ إلا اللهَ في صِغَرٍ
قلبٌ تقيٌّ، ونورٌ في مسارينا

*****

إنّا عهِدناكَ طفلًا طاهرًا ورِعًا
تُهدي القلوبَ نقاءً بات يشجينا

*****

كم كنتَ تحفظُ آيَ اللهِ مرتجلاً
كالغيمِ يُنشِدُ أنسامًا تُواسينا

*****

إنْ كنتَ ذا ألمٍ فالليلُ يغمرُنا
لكنّ فجرَ الرجا بالضوءِ يحيينا

*****

وإن تنقَّلَ في أعضائِكَم ألمٌ
فاللهُ أكرمُ من طبٍ يُداوينا

*****

هو الرحيمُ، إذا ما الضيقُ أقعدنا
يبثُّ في النفسِ إشراقًا يُواسينا

*****

لا تَخْشَ شيئًا، فكمْ مِن كُربةٍ فُرجتْ
بِدمعةٍ خالطت هَمسَ المصلّينا

*****

دعاءُ والدِكَ المكسورِ في أملٍ
يرجوه جبرا لكسرٍ باتَ يؤذينا

*****

وتلك أُمّكَ، كلمى وهي صابرةٌ
منها الدموعُ، ومنها الحبُّ يكفينا

*****

يا زيدُ، إن طالَ ليلُ البأسِ في جسدٍ
فاللهُ أجملُ مما كانَ يُؤذينا

*****

سنستعيدُ الضياءَ الحلوَ فيك، ولا
يخبو الرجاءُ بمن قد كان يحمينا

*****

فأنتَ زيدُ الذي بالنورِ تُشْرقُنا
ولستَ زيدَ الأسى، بل من يُداوينا

*****

يا قلبَ والدهِ، والدمعُ مطفأةٌ
والحبُّ نارٌ لها في الصّدرِ تكوينا

*****

يا قلبَ والدهِ، والليلُ يرهقُنا
لكنّ في الأفقِ صبحًا جاء يُنسينا

*****

فاصبرْ، فإنّ الذي شافاكَ مقتدرٌ
أنْ يُنبتَ البُرءَ في أعماقِ شاكينا

*****

ما خابَ زيدٌ، ففي الألطافِ مسكنُهُ
وفي الدعاءِ له تحيا أمانينا

*****

إنْ طال ليلُ الأسى فالروحُ مؤمنةٌ
بأن زيدًا سيشفى… ثم يرضينا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خالد بن عبدالله الجدوع
30 شوال 1446هـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *