من المشكلات الأخلاقية التي تكررت كثيراً في الساحة الأدبية والثقافية والافتراضية أيضاً : سرقة الأفكار الأدبية وسرقة الأصدقاء من المجموعات.
وهذا الخلُق لا يبدر إلا من ضعيف نفس مهتريء الشخصية، إذ أنه يطأ بأقدامه على المبادئ الإنسانية ليتسلق أعتاب الآخرين، ويحصد ثمار غيره، ضارباً بالضمير عرض الرصيف.
وأود أن أضع نقاطي على حروفي لأوضح مفاهيم يجب آن نعتني بها :
أولاً: سرقة الأفكار الأدبية
هذا الصنيع يُعد من أشد أنواع الخيانة الأدبية، لأن الكلمة والفكرة هي ثمرة جهد وتفكير، وربما معاناة، مرّ بها الكاتب أو الشاعر. وعندما يأتي من يسرقها وينسبها لنفسه دون استئذان أو إشارة للمصدر، فهو في الحقيقة يسرق شيئاً من روح صاحبها، لا بضع كلمات.
هؤلاء لا يبدعون، بل يعيشون على فتات عقول غيرهم، ويتسلقون في المجالس والمناسبات الأدبية على حساب من اجتهد وتعب وصاغ الحروف من وجدانه.
ثانياً: سرقة الأصدقاء من المجموعات
وهذا أمر جديد في صورته، لكنه قديم في معناه.. فهؤلاء الذين يدخلون مجموعات واتسابية، أو أي منصة جماعية، لا ليتفاعلوا أو يضيفوا قيمة، بل ليراقبوا ويصطادوا الأعضاء، ثم يسحبونهم إلى مجموعاتهم الخاصة التي يسعون لبنائها على ظهور غيرهم.
إنهم لا يبحثون عن الناس بجهدهم، بل يركبون موجة النجاح الجماعي، ثم يسرقون الأصدقاء والعلاقات، وكأنهم لصوص علاقات، لا يسرقون الشيء المادي، بل يغتصبون الألفة والثقة.
هؤلاء أشبه بمن يجني زرع غيره، أو من يستوطن دار غيره، أو من يسرق الثمرة بعد نضوجها، دون أن يسقي أو يفلح أو يتعب.
الحرّ الأصيل لا يرضى أن يبني مجده على سواعد غيره، ولا يسرق فكرة ولا صديقاً، ولا يتسلق جدران المجتهدين، بل يصعد بسُلمه الخاص، ويجمع أصدقاءه بخلقه وحضوره لا بخداع وتلاعب.
وأقولها صريحة: من لا يملك جاذبية فكرية أو روحية تكفي ليجمع أصدقاءه بنفسه، فمجموعة الناس التي سرقها لا تُمثل له قوة، بل هشاشة مغلفة بالاحتيال.
أخيراً..
أيها اللص الناهب للعلاقات إنك تضع نفسك في موطن الذل، ولن تجني من ذلك إلا الاستصغار الذي يليه الاحتقار، فالناس لا يحترمون سرّاق المجهود وبائع العلم .
أحمد القاري
المدينة المنورة
مقالات سابقة للكاتب