“الذكاء الطبيعي” البوصلة التي لا تُستبدل

في عصر تتسارع فيه التقنيات وتتسابق فيه الشركات لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي، ينسى بعض البشر أن لديهم أداة أعظم وأسبق وأعمق: العقل البشري. هذا العقل الذي وهبه الله لنا ليكون آلة تفكير وإبداع وتحليل ، وليس مستقبلاً سلبياً لأجوبة مغلفة جاهزة.

كثيرون اليوم باتوا يلجؤون إلى الذكاء الاصطناعي في كل صغيرة وكبيرة، حتى في أمور لا تحتاج أكثر من لحظة تفكير أو مراجعة للذاكرة.
والمفارقة أن من يفرط في الاعتماد على هذه الأدوات هو غالباً من يفتقر إلى محصول علمي أو قاعدة معرفية، فيصبح أسيراً لما تنتجه له الآلة، عاجزاً عن التمييز بين الصحيح والسقيم، أو النقد والتطوير.

أما من بنى رصيداً من المعرفة، وتمرّس على البحث والتحليل، فإنه يستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة، لا كعكاز يتكئ عليه في كل خطوة.
فهو يوظّفه لتوسيع آفاقه، لا ليحلّ محل تفكيره.

إن إعمالَ الذهن، وشحذَ الفكر، وممارسة مهارات التحليل والنقد، هي الضمانة الحقيقية لبقاء العقل حياً. فالاعتماد المفرط على تفكير الآخرين – سواء كانوا بشراً أو آلات – يُضعف ملكة الابتكار ويجعلنا نسير وراء قوالب جاهزة .. والنتيجة : عقول خاملة، وأجيال لا تُنتج أفكاراً بل تستهلكها فقط.

فلنستخدم التقنية بحكمة، ولنستعن بالذكاء الاصطناعي عند الحاجة، لكن دون أن نُعطّل أثمن ما نملك: قدرتنا على التفكير المستقل. فالآلة مهما بلغت من الذكاء، لن تعيش التجربة الإنسانية، ولن تشعر بالدهشة، ولن تبتكر فكرة من قلب معاناة أو ومضة إلهام. تلك ميزة الإنسان.. وعلينا أن نصونها.

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *