التعليم : سلاح الأمم ونهضتها

مع بداية كل عام دراسي، يتجدد الحديث عن العودة إلى المدارس، ذلك الحدث الذي يختلط فيه الشغف بالرهبة، والحنين بالصراع النفسي.
فالمدرسة هي بيتٌ علمي ثانٍ، يلتقي فيه الطالب بمعلمه، ويُصقل فيه العقل بالمعرفة، وتُبنى فيه القيم.

إلا أن هناك بثوث مغرضة ومحاولات خارجية تسعى إلى إضعاف هذه العلاقة الحميمية بين الطالب ومعلمه، وبين الأسرة وصروح التعليم، في محاولة للنيل من مسيرة التعليم التي تُعد ركيزة نجاح الأمم وقوة الشعوب.

التعليم هو السلاح الأقوى في حماية النفس والعقل والوطن. وبدونه يعمّ الظلام، وتنتشر الجريمة، ويغيب الإنتاج والإبداع.
ومن الأسرة الواحدة يخرج لنا منجذبٌ ونافر، راغبٌ وراهب، طالبٌ ومعلم، فإن ضعفت قيمة التعليم فيها انعكس ذلك على المجتمع بأسره.

إن الأسرة هي اللبنة الأولى، ومنها تنطلق القيم. فإذا غُرس في الأبناء حب التعليم وتعظيم مكانة المعلم، نشأ جيلٌ يحمل الانتماء والولاء لصرح العلم، وتقدير المعلم حق تقديره.

ويتحقق قول أحمد شوقي :

قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا

*********

أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا

*********

سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ
عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى

*********

أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ
وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا

*********

وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً
صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا

فالمدرسة أو الجامعة ليست روتيناً يومياً يتكرر ليحدث فقط .. بل ساعات تُقضى لغذاء العقل كما أن الطعام غذاءٌ للجسم .

المعلم هو الأب الثاني، والطالب أمانة الغد.
والواجب أن يقف كلاهما صفاً واحداً للدفاع عن مسار التعليم، وألا يسمحا للأفكار الدخيلة أن تعبث بالعقول. فالمدرسة بيت علمي يتغذى فيه الفكر، ويُبنى فيه الإنسان، وينهض فيه الوطن.

ومن المهم أن تتحول العودة إلى المدارس إلى موسم شيق، وكرنفال مملوء بالشغف، لا أن نشعر بها كعبء ثقيل. تماماً كما يتشوّق الأبناء لزيارة مدن الملاهي أو المجمعات التجارية، ينبغي أن يُزرع فيهم الشعور نفسه تجاه قاعات الدرس.
فالمدرسة وطن صغير، وجسر كبير يعبر به الطالب نحو مستقبله.

إن التعليم هو البداية الحقيقية لكل نهضة، وإذا اجتمع البيت الأول (الأسرة) مع البيت الثاني (المدرسة)، تكامل البناء، واشتدت القواعد، وأشرقت أنوار العلم.
فلنقف جميعاً – أسراً، ومعلمين، وطلاباً – صفاً واحداً لحماية مسيرة التعليم، وغرس الشغف بالمدارس في نفوس أبنائنا، لأنها المنطلق لصناعة الغد المشرق.

وفق الله المعلمين والمعلمات، والطلاب والطالبات، ومنسوبي إدارات التعليم، والوزارة الموقرة للنهضة بالوطن والقيم والعقول.

أحمد القاري

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “التعليم : سلاح الأمم ونهضتها

منى العلوي

مقال جميل وطرح ثري 🌟
أحسنتِ في إبراز قيمة المدرسة كمنطلق للنهضة وبوابة للمعرفة، وفعلاً متى ما تغيّرت النظرة نحو التعليم من عبء إلى متعة، سنجد جيلاً أكثر شغفاً بالعلم وأكثر استعدادًا لصناعة المستقبل. 👏

د. احمد حبيب

مقالة جميلة لبيئة مدرسية واعية قابلة للتطوير وتحقيق رؤية ٢٠٣٠ بشرط مشاركة جميع الطلاب بدون استثناء في جميع البرامج والمناشط والفعاليات المحلية والدولية فشكرا لكل معلم واداري ومشرف مهد طريق النجاح للبيئة المدرسية

نجيم ابراهيم

كلامك يستحق أن يكتب بماء الذهب.
بارك الله فيك وأحسن الله إليك يا أخي الغالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *