تعرض المعلم الذي هو لب العملية التعليمية لهجمة عنيفة من أطراف عدة بعضها محسوب على الوزارة؛ بل في قمة الهرم والآخر حشر نفسه منتقدا ومجرحا للمعلم وهو خارج نطاق ( التربية ) وطارت حسابات التواصل مدافعين عن المعلم وكل لبس لباس المرافع عنه.
والحقيقة أن الهجمة كانت جارجة عنيفة ؛ لكنها لا تخلو من بعض الحقائق المرة التي يجب على المعلم أن يتلافها يقينا منه بسمو رسالته وعظم الأمانة التي يحملها على عاتقه، فمن هو المعلم الذي نريد ؟!
إن المعلم يا سادة مواطن له من الحقوق الكثير التي لم يعطها والكثير من المزايا التي حرم منها وتمتع بها غيره ، نعم يحتاج إلى التأهيل المستمر والتدريب المتواصل والتنمية المهنية المستدامة ، يحتاج إلى التقدير المجتمعي والمؤسسي من كافة مؤسسات المجتمع ، يحتاج إلى الأمان الوظيفي والراحة النفسية لكي يعطي وينتج ، يحتاج إلى مبنى مدرسي مجهز وجدول دراسي مناسب وبيئة عمل محفزة له قبل طلابه ، كل هذه الأمور لا غنى للمعلم عنها.
ولكن ألا يجب على المعلم أن يهتم بنفسه هو قبل كل شيء؟ ألا ينبغي للمعلم أن يثابر على تطوير نفسه ذاتيا ؛ خاصة ونحن في عصر الانفتاح المعلوماتي الهائل ؟! ألا يجب على المعلم أن يكون قدوة لطلابه في الانضباط والمظهر والحرص على الأمانة ؟!
كيف نريد من المجتمع أن يحترم معلما وهو يضرب بالأمانة عرض الحائط ، مهمل في دوامه متسيب في عمله ، رث المظهر ، يتندر الطلاب على هيأته وأسلوب تدريسه في الصف ، كيف نريد من الأقلام التي لقيت مجالا في الإعلام أن تحترم المعلم وهو يسرب الأسئلة لطلابه بطرق شتى ؛ بل البعض يقوم بالتغشيش في نفس قاعة الامتحان ، هل يعقل أن يقوم المعلم بطرح أسئلة الاختبارات الوزارية لطلابه ويقوم بحلها معهم ثم يختبرهم فيها من الغد؟!
ألا يعتبر هذا من خيانة الأمانة ؟!
ناهيك عن الألفاظ التي يسمعها طلابه والتي لا يقبلها إنسان ولا يقرها عقل، أليس من العجيب والمبكي أن يكون المعلم زبونا للمراكز الصحية التي توزع التقارير الطبية لكل من غاب عن عمله ( والعذر ارتفاع في درجة الحرارة والتهاب في اللوزتين) ؟! ومن أراد أن يتأكد من هذا فليسمع من مديري المدارس وعندها سيرى كم هم في كرب عظيم من هذه الأمور.
نعم هناك من المعلمين وهم كثر ( إن شاء الله ) من هو متقن لعمله مميز في أداء رسالته يقدم المعلم كواجهة مشرقة للعمل التربوي وهؤلاء هم الأمل وعليهم المعوَّل في الرد على كل من تطاول على المعلمين.
إن الإبداع يكمن في فن ( إدارة الممكن والمتوفر ) وبأمانة المعلم وتفانيه واستشعاره أنه أساس لتطوير كل المجتمع يستطيع المعلم المبدع الأمين أن يتغلب على كل الصعوبات ويبني جيلا مسلحا يكون لبنة في مجتمع متطلع للإنتاج والرقي.
بقي أن أقول إن كل معلم بصير بنفسه ويستطيع تلمس مكامن الخلل ليتلافاها صابرا محتسبا، فهو المعلم وكفى بذلك شرفا.
مفلح الصاطي الحربي
مقالات سابقة للكاتب