

في البداية نرّحب بك أستاذ عبدالله في صحيفة غراس ونشكر لك هذا اللقاء.
يسعدني ويشرفني أن أكون معكم في هذا اللقاء المبارك إن شاء الله ...

** في بداية اللقاء نود أن تحدثنا بإيجاز عن مفهوم التربية الخاصة ؟
التربية الخاصة هي مجموعة البرامج والوسائل التعليمية التي تستخدم في تدريب وتعليم وتأهيل فئات التربية الخاصة .
** ماهي الفئات المستهدفة في تعليم التربية الخاصة ؟
الفئات المستهدفة بالتعليم في التربية الخاصة هم:
_ذوي الإعاقة العقلية البسيطة ( التربية الفكرية ) الذين تتراوح درجات ذكائهم بين ٥٥ إلى ٧٠ درجة على مقاييس الذكاء .
_ذوي بطء التعلم وهم الفئة التي تقع درجات ذكائهم بين ٧٠ و ٨٥ درجة على مقاييس الذكاء .
_ذوي اضطراب التوحد البسيط والمتوسط.
_فرط الحركة وتشتت الانتباه .
_الإعاقة السمعية
_الإعاقة البصرية
_صعوبات التعلم
_وأخيراً الإعاقات الصحية والجسمية .
** نريد أن تبيّن لنا بعض الوسائل التعليمية لفئات التربية الخاصة ؟
الوسائل التعليمية في التربية الخاصة تختلف باختلاف الإعاقة فعلى سبيل المثال ذوي الإعاقة البصرية تستخدم معه طريقة برايل في القراءة والكتابة وهي أسلوب القراءة بالحرف والرمز البارز عن طريق حاسة اللمس ، وكذلك لغة الإشارة مع ذوي الإعاقة السمعية ..
أما الأشخاص ذوي الإعاقة الفكرية واضطراب التوحد فإن الوسائل التعليمية ( العيانية ) والمجسمات هي الأكثر فاعلية في التعليم والتدريب والتأهيل لهذه الفئة..
أما ذوي صعوبات التعلم فيتم تدريبهم في غرف المصادر على المهارات الأكاديمية التي لم يتمكن الطالب من إتقانها مع معلم التعليم العام ..
وذوي بطء التعلم يتم تدريبهم في غرف المصادر مع تعديل في المهارات التعليمية وكذلك تعديل في الحد الأدنى لدرجة النجاح ففي المرحلة الابتدائية والمتوسطة درجة النجاح النهائي ( ٣٠ من ١٠٠ ) بينما في المرحلة الثانوية فدرجة النجاح ( ٤٠ من ١٠٠ ) ..
وأما الأشخاص ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه فلهم برامج نمائية لتنمية جانب التركيز والحد من الحركة الغير موجهة قدر المستطاع .
وأخيراً الأشخاص ذوي الإعاقات الصحية والجسمية فيقتصر دور التربية الخاصة معهم على اختيار البيئة التعليمة المناسبة من حيث موقع الفصل والممرات ( والمزلقانات ) الخاصة بالعربيات ( والدربزانات ) الجدارية والمراحيض المناسبة لهم .
** حدثّنا عن سياسة دمج تعليم التربية الخاصة بالتعليم العام ؟
الدمج هو أسلوب تربوي تعليمي عالمي قام على مناهضة نظام العزل في التعليم والمجتمع للأشخاص ذوي الإعاقة وله مناصروه وكذلك معارضوه ولكل أسلوب إيجابياته وسلبياته ولكن الحكم لأيهما أكثر إيجابية وأقل سلبية وبعد الدراسة والتجربة تبين أن أسلوب الدمج هو الأسلوب الأفضل والأميز في تعليم طلاب التربية الخاصة في البيئات الأقل تقييداً وبالتالي تم التحول التدريجي من نظام العزل إلى نظام الدمج بنظاميْه الكلي والجزئي مع بقاء نظام العزل للحالات الشديدة التي يصعب دمجها في مدارس التعليم العام نظراً لكونها تحتاج خدمات تربوية ورعاية يصعب توفيرها في مدارس التعليم العام .

** الدمج الكلي والدمج الجزئي .. ماهو الفرق بينهما ؟
نحن لدينا ثلاثة أنظمة تعليمية كالتالي :
أولاً / نظام العزل الكلي وهو تدريب وتعليم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة في معاهد ومراكز خاصة بهم وتقدّم الخدمات التعليمية والخدمات المساندة على أيدي معلمين متخصصين كلً حسب تخصصه العلمي وحسب حاجة الطالب للخدمة.
ثانياً / نظام الدمج الجزئي وهو تعليم طلاب التربية الخاصة في مدارس التعليم العام في فصول خاصة ومقررات دراسية خاصة ومعلمين متخصصين في تعليم وتدريس الفئة التعليمة المدمجة دمج جزئي.
ثالثاً / نظام الدمج الكلي لطلاب التربية الخاصة في فصل التعليم العام ومع معلم التعليم العام ودراسة مقررات التعليم العام مع تقديم الخدمات المساندة لهذه الفئة من قبل التربية الخاصة مثل المعلم المستشار وهو الذي يقدم الاستشارة لمعلم التعليم العام في كيفية التعامل مع الطالب.
** لقد حدثتنا عن سياسة الدمج التعليمي لفئات التربية الخاصة .. فهلّا تحدّثنا عن كيفية تحقيق سياسة دمج هذه الفئة مع المجتمع ودور المجتمع في ذلك ؟
الدمج الاجتماعي هو امتداد للدمج في المدارس وإذا ما امتد الدمج من المدرسة إلى المجتمع فلا أعتقد أننا حققنا الهدف في أعلى غاياته السامية حيث أن الدمج في المدارس يهدف إلى الوصول بالأشخاص ذوي الإعاقة إلى مستوى المواطنة التامة من حيث الحقوق والواجبات لذوي الإعاقة وهذا لا يتأتى إلا من خلال تحقيق الدمج الاجتماعي وهنا تقع المسؤولية على عاتق الأسرة والمجتمع .
فنبدأ بدور الأسرة في الدمج بحكم أنها الركيزة الأساسية في أول خطوات دمج المعاق في المجتمع ، وأولى خطوات دمج المعاق اجتماعياً هو تقبل المعاق في الأسرة ومعاملته كأي فرد من أفراد الأسرة دون تمييز أو عاطفة مع أخذ جانب العجز لديه في الحسبان بمعنى أن ما يستطيع أن يؤديه يجب أن يؤديه حتى يشعر بأنه إنسان قادر على الإنجاز أسوة بالآخرين ثم بعد ذلك يأتي دور الأسرة في تنمية ما لدى المعاق من قدرات ومهارات يمكن استثمارها في تحويله من شخص متلقي للرعاية إلى شخص منتج اجتماعياً الأمر الذي يجعله يكتسب الثقة في ذاته وعامل بناء الثقة في الذات أمر مهم في حياة كل انسان وأكثر أهمية في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة.
نأتي بعد ذلك لدور المجتمع وهو دور ممتد ومكمّل لدور الأسرة ومن ذلك دور المؤسسات الاجتماعية فعلى كل مؤسسة اجتماعية أن تأخذ في الحسبان أثناء التخطيط حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الوصول لكل خدمات المؤسسة سواءً ( تقنية أو خدمية ) بحيث توظف التقنية الحديثة بما يتوافق مع حاجة المعاق في استخدام التقنية الحديثة خصوصا أننا نعيش حاليا مراحل التحول الرقمي فنحن في مرحلة بناء لهذه التقنية لذلك ينبغي الربط بين بناء هذه الأنظمة والمؤسسات والهيئات والجمعيات العاملة مع الأشخاص ذوي الإعاقة لتحديد احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة وبرمجتها بما يحقق أهدافها النبيلة .
و الجانب الاجتماعي الثاني( الخدمات الأساسية ) للأشخاص ذوي الإعاقة في حق الوصول الشامل لكل مؤسسة حكومية أو أهلية من خلال توفير الممرات المناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة كمسارات الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية أو الحركية وتوفير مترجمي لغة الإشارة لذوي الإعاقة السمعية وتوفير مقدمي الرعاية المساندة من أدلاء ومرشدين للأشخاص ذوي الإعاقة كلما دعت الحاجة لذلك ..
أما دور المجتمع ( كأشخاص ) في عملية دمج الأشخاص ذوي الإعاقة اجتماعياً فيأتي متمم لدور الأسرة في تقبل المعاق كما هو وتعزيز مستوى الثقة في الذات لدى الشخص المعاق وإتاحة الفرصة للمعاق لممارسة ما يستطيع ممارسته باستقلالية عن الآخرين ، وعلى كل فرد من أفراد المجتمع أن يدرك تمام الإدارك أن الشخص ذو الإعاقة لديه جوانب عجز مرتبطة بالإعاقة بينما لديه جوانب قوة يستطيع أن يبدع فيها متى ما أتحنا له الفرصة المناسبة لتحقيق ذلك .

** مدينة التربية الخاصة بمكة المكرمة (سناد) ! ماهي فكرتها وماهي الخدمات التي تقدمها ؟
مدينة سناد للتربية الخاصة هي صرح علمي تربوي تدريبي تأهيلي إيوائي يقام على ( أطهر بقعة ) مكة المكرمة ليقدم خدماته للأشخاص ذوي الإعاقة من برامج تعليمية وخدمات مساندة كجلسات التخاطب وتعديل السلوك والبرامج العلاجية كالعلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي والآن تم تشغيل قسم الإيواء بشكل تجريبي مؤقت و سوف يتم التوسع فيه مستقبلاً بطاقة استيعابية تتجاوز ( الألف سرير ) تقدم لهم كافة الرعاية الطبية والتأهيلية والغذائية وكل ما يحتاجه المستفيد من خدمات مساندة ، وللفخر فإن هذه المدينة تُشغّل وتدار بكوادر وأيدي وطنية سعودية .

** كم يبلغ عدد برامج التربية الخاصة بمنطقة مكة المكرمة ؟
يبلغ عداد برامج التربية الخاصة بمكة المكرمة ( ثلاثة وستون ) برنامجاً تربوياً ما بين معاهد ومراكز وبرامج ملحقة بمدارس التعليم العام بالإضافة إلى ( ثلاثة وسبعين ) برنامج صعوبات تعلم.
** هل هذه البرامج مقتصرة على مدينة مكة المكرمة أم يوجد برامج في المحافظات التابعة لها ؟
البرامج تشمل مدينة مكة المكرمة والمحافظات التابعة لها تعليمياً كالجموم وبحرة والكامل أما المحافظات المستقلة تعليمياً كـ جدة والطائف والليث والقنفذة ففيها برامج التربية الخاصة التابعة لها تعليمياً غير ما ذكر في الإحصائية السابقة .
** كيف يمكن للطّلاب من خارج مدينة مكة المكرمة الالتحاق بمدارس التربية الخاصة وهل سيتم توفير الإعاشة لهم بالإضافة للسكن الداخلي؟
في نظام العزل السابق كانت تقدم جميع الخدمات من سكن وإعاشة ورعاية طبية للمستفيدين من الإيواء في معاهد التربية الخاصة أما حالياً ومن خلال دمج برامج التربية الخاصة في مدارس التعليم العام يفتح البرنامج التربوي والتعليمي للأشخاص ذوي الإعاقة في أقرب مدرسة من مقر سكنهم في المحافظات والقرى التي يوجد بها الأشخاص ذوي الإعاقة وهو الأمر الذي يكفل للطفل تمتّعه بدفء الأسرة ونشأته بين أبويه وإخوته وهذا عامل مهم في الاستقرار النفسي للطفل المعاق فلا شي يُضاهي حضن الأم ورعاية الأب وحنان الإخوة وبالتالي تم الاستغناء عن أقسام الإيواء في كثير من مناطق المملكة العربية السعودية ..

** ماهي الخدمات ( غير التعليمية ) التي تقدمها إدارة التربية الخاصة للطالب ؟
هناك ما يعرف بالخدمات المساندة وتشمل التخاطب والنطق وتعديل السلوك والعلاج الطبيعي والوظيفي والتدريب على مهارات الحياة الاستقلالية والمهارات الاجتماعية بالإضافة إلى خدمات النقل من المدرسة وإليها وكذلك تصرف لطالب التربية الخاصة مكافأة شهرية بواقع ( ٦٠٠ ريال ) للمرحلة الابتدائية و ( ٧٥٠ ) ريال للمرحلة المتوسطة ( ٩٠٠ )ريال للمرحلة الثانوية .
** ماهو دور المنزل والأسرة ضمن منظومة تعليم التربية الخاصة ؟ وهل ترى أن المنزل قائم بالدور المطلوب منه؟
دور الأسرة في العملية التعليمية لطلاب التربية الخاصة دور محوري ومهم لأن الطفل يقضي في المدرسة ( ست ساعات ) فقط بينما يقضي في الأسرة ثماني عشرة ساعة فضلاً عن نهاية الأسبوع والإجازات الرسمية ومنها تأتي أهمية دور الأسرة في تعزيز ما اكتسبه الطفل من مهارات تعليمية وتدريبية في المدرسة ولا يتحقق ذلك إلا من خلال رفع مستوى الوعي الثقافي للأسرة من خلال اكتساب مهارات أولية في تعليم وتدريب أبناؤهم يتممون بها التعليم والتدريب الذي اكتسبه الطفل في المدرسة وإلا أنه ربما ما اكتُسب ربما يُنسى من قبل الطفل وخصوصاً التربية الفكرية والتوحد !!
أدوار الأُسر جيدة ولكنها الى الآن لم تصل للمستوى المأمول الذي نتطلع إليه نحن كعاملين في مجال التربية الخاصة فالأُسر لازالت في حاجة لمزيد من التدريب والتأهيل في كيفة مساعدة أبناؤهم على التوافق النفسي والتكيف مع الإعاقة ثم اكتشاف مكامن القوة لديهم وتعزيزها ولا تزال بعض الأُسر تعيش هاجس الخوف من عدم القدرة على تحمل المسؤلية في تعليم وتدريب الأطفال ذوي الإعاقة بالرغم من أن هذا الهاجس هو عائق وهمي لا أساس لوجوده على أرض الواقع ويمكن كسر هذا الهاجس من خلال اكتساب المعرفة العلمية بالإعاقة ثم الولوج في التجربة وقياس النجاح التدريجي فيها لتعزيز الاستمرار وتحقيق التغذية الراجعة للذات .
** كيف ترون دور الأشخاص ذوي الإعاقة الخاصة في تحقيق التنمية الوطنية ؟
الشخص السليم لديه جوانب عجز وكذلك المعاق لديه جوانب عجز مرتبطة بالإعاقة ولكن المشكلة تكمن في تسليط الضوء على جوانب العجز لدى المعاق وتجاهلها لدى الشخص السليم ولو تعاملنا بذات المنظور لاستطعنا إدراك جوانب القوة لدى الشخص المعاق واستغلالها الاستغلال الأمثل وتحييد جوانب العجز لديه وبهذه الآلية نستطيع أن نجعل منهم أشخاص منتجين ومساهمين في التنمية الاجتماعية أُسوةً بالأشخاص السليمين وربما أكثر فالمشكلة في الحقيقة مشكلة متعلقة بثقافة المجتمع وليس بالشخص المعاق .

**رسالة توجهها لمسؤولي تعليم التربية الخاصة وأخرى للاشخاص ذوي الإعاقة وأهاليهم ؟
رسالتي لزملاء المهنة من العاملين في التربية الخاصة هي أن الله سبحانه وتعالى اصطفانا لهذا العمل النبيل مع الأشخاص ذوي الإعاقة وهي فرصة لكسب خيريّ الدنيا والآخرة وإخلاص النية لله في هذا العمل وأن نجعل الرقيب هو الله ثم الرقابة الذاتية فلا نجعل لنا هم الا إرضاء الله سبحانه وتعالى ثم تحقيق أهدافنا وغاياتنا من تعليم طلابنا الكرام .
وأما رسالتي لأبنائي من ذوي الإعاقة فهي عليك التفكر في ذاتك واكتشاف مكان القوة فيك فإن الله بقدر ما أخذ منك فقد أعطاك وعليك أن تفتّش عن هذا العطاء فالإعاقة الحقيقية هي استسلامك للعجز بينما الإبداع هو خلق الإرادة من رحم المعاناة فلديك من الإمكانات والقوى ما تستطيع من خلاله أن تحوّل نفسك إلى شخص ملهم للآخرين يرونك ويتمنون أن يصلوا إلى ما وصلت إليه فامضي قدماً ولا تتوقف .
رسالتي الثالثة لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة وهي اعلموا بأن الطفل المعاق خلقه الله وتكفل برزقه فلا تحزنوا ولا تخشوا من هذا الأمر ولكن عليكم أن تكونوا مصدر إلهام وتحفيز لهذا الطفل ومساعدته في اكتشاف جوانب القوة لديه وتنميتها واستغلالها الاستغلال الأمثل لهذه القدرات حتى تصبح هي مصدر استقلاليته عن الأخرين .
** ختاماً لقد تشرفنا وسُعدنا بهذه المقابلة وإجراء الحوار مع سعادتكم ؟؟
وانا أسعد باختياركم لي لأكون ضيفاً على هذه الصحيفة المميزة في عرضها وطرحها البنّاء لقضايا تمس حاجة المجتمع المباشرة ولا يسعني في الختام إلا أن أتقدم بالشكر والعرفان للأخوة العاملين في صحيفة غراس على جهودهم الحثيثة في بحث قضايا اجتماعية تلامس احتياج المواطنين والمقيمين على أرض هذا الوطن المعطاء.