الوهس على قراءة داوود الشريان!

كشفت دراسة على موقع ماي لايف أن أكثر من نصف مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يعانون متلازمة الخوف من فقدان شيء ما،المعروفة باسم (فومو).
وظاهرة FOMO هي اختصار لجملة:
Fear Of Missing Out
وقد بينت هذه الدراسة أن 56% من المفرطين في استخدام مواقع التواصل يشعرون بأن شيئاً ينقصهم عند الابتعاد عن حساباتهم على تلك المواقع؛ وهذا ما يجعلهم حريصين على الولوج إليها باستمرار.
وذكرت الدراسة نفسها بأن 27% من هؤلاء المستخدمين يفتتحون يومهم -بعد الاستيقاظ مباشرةً- بالاطلاع على حساباتهم؛ ليطلعوا على ما فاتهم خلال نومهم.
ظاهرة الخوف من فوات شيء ما ليست حديثة -نقلاً عن موقع كلمة الإخباري- على الرغم من حداثة المصطلح،لكن الجديد هو نوعية المشاهير وسهولة الوصول إلى تفاصيل حياة الآخرين وما يمرون به على مدار اليوم، وطريقة تفاعلنا مع وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، التي تلعب دوراً في إشباع الحاجة للمراقبة والمتابعة والفضول.
وقد أدت مجموعة من العوامل على بروز هذه المتلازمة وتفشيها بشكلٍ لافت، أفرزتْ مثل هذا “الوهس على قراءة الإعلامي الشهير داوود الشريان”، كاعتماد تصميم مواقع التواصل الاجتماعي على خلق وتعزيز الرابط النفسي بين الأحداث والمستخدمين، من خلال عدد كبير من التقنيات، على رأسها الإشعارات الدائمة التي تسمح لك بالحصول على إشعار لكل تطور في حدث معين، وتقنية التفضيلات في الصفحة الرئيسة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في فهم توجهات المستخدم والمحتوى الذي يهتم به.
ومن هذه العوامل أيضاً، الاهتمام بالطبيعة الإنسانية، حيث عملت التقنيات الحديثة على فهم الطبائع السلوكية المشتركة واستغلالها لأقصى حد؛مما جعل الإدمان على التكنولوجيا سهلاً؛ لأنها مصممة لتغذية رغبات ودوافع المستخدمين الأساسية.
كما أن توظيف فكرة التنبؤ العاطفي -يأتي من أهم هذه العوامل- التي تقوم على تَنَبُّؤ مشاعرنا حيال أمرٍ أو حدثٍ ما لم يحدث بعد؛ خوفاً من تفويت حدث، أو خبر نعتقد أنه لو فاتنا؛ سنشعر بالندم أو الألم العاطفي،وإذا علمنا به في وقت متأخر؛ سنتمنى لو علمنا به قبل الجميع؛ ولعلَّ هذا ما يدفع البعض للتعليق على فيديو في اليوتيوب -قبل أن يشاهده- بجملة “أنا صاحب أول تعليق!”
ويمكن التخفيف من تأثير هذه المتلازمة وصولاً إلى معالجتها، عبر فهم الخوف من تضييع الفرصة (وهذا يعتبر نقطة الانطلاق في العلاج)، كذلك مواجهة المشاعر السلبية بشجاعةٍ واعية، مع أهمية تقنين استخدام مواقع التواصل، وضرورة المشاركة في أنشطة حقيقية، والاختلاط أكثر بأشخاص حقيقيين، بدلاً من المشاركة في أنشطة مواقع التواصل الاجتماعي، وتتبُّع مقاطع الرد والرد المضاد المتفق عليها سلفاً بين المؤثرين وصُنَّاع المحتوى، إضافة إلى الوعي بأهمية تعديل النظرة إلى الحياة من خلال التركيز على ما تمتلكه بدلاً من التركيز على ما يمتلكه الآخرون، وإعادة اكتشاف شغفك في الحياة، والتركيز على قيمة فعل ما تحبه من هوايات وممارسات، وقيمة التواصل الفعلي والشخصي مع أشخاص حقيقيين لا يطمحون لانتزاع لايك أو شير، وقيمة أن تكون راضٍ عن نفسك، وعن حياتك، وتسعى لتطويرها بدلاً من انتقادها وتحقيرها.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “الوهس على قراءة داوود الشريان!

أحمد بن مهنا الصحفي - أم الجرم

وزاد كثرتها (الطين بلة) و أكثرهم عنده حساب وأكثر في كل وسيلة من وسائل التواصل هذه !
سمعت من الشيخ الدكتور صالح بن حميد تعليقا على حال هؤلاء قوله ( لماذا تشغلون أنفسكم بفراغ الآخرين؟)

(تعاملك أباعمر في مقالاتك مع الواقع الحي والفكر المستشرف ميزها جدا )

سليمان مُسْلِم البلادي

كل الشكر والتقدير أستاذنا الفاضل أحمد بن مهنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *