عندما تكون متربي عشر مرات!

يتمثل العزم في سعة الحيلة القوية المتواصلة. ولزيادة وإعادة تزويد الإنسان من مخزونه من العزم في داخله، عليه البدء باستكشاف الإرادة التي يمتلكها.
ولعلَّ من أهم أدبيات الإرادة أن يكون الإنسان هو الفعل نفسه، وليس مجرد الفعل.
ومع تحليك بالإرادة الواعية؛ تتوفر لديك القدرة على اتخاذ زمام المبادرة، وتوجيه حياتك بدلاً من أن يجرفك تيارها، وتتمكن من خلالها حشْد المزيد من الموارد الداخلية من أجل مواجهة التحديات.
فإذا كانت الحياة قد عصفت بك؛ فإن الإرادة هي أول خطوة تقوم بها؛ لكي تنهض من عثرتك.
والإرادة -في الوقت نفسه- عكس العجز، فقد أظهرت الأبحاث التي أجراها عالم النفس “مارتن سيلجمان” وذكرها الدكتور ريك هانسون في كتابه “المرونة” أننا عرضة للشعور للعجز المكتسب من خلال التعرض لتجارب الضعف والهزيمة وانعدام الحيلة.
وحتى نمنع حدوث العجز، أو نتخلص منه تدريجياً، علينا البحث عن التجارب التي من خلالها نتمكن من اتخاذ قرار، أو التأثير في نتيجةٍ ما، ثم نصبُّ تركيزنا على شعورنا بأننا العنصر النشط والفاعل في التجارب التي نمر بها، أي أننا المطرقة التي تكون لها اليد الطولى، وليس المسمار الذي يتلقى على رأسه ضربات المطرقة.
ولتحقيق المزيد من إعادة الثقة في إدارتنا لشؤون حياتنا؛ يمكننا البحث عن تلك التجارب التي تساهم في إيقاظ الشعور لدينا بأننا نستطيع تحقيق أهدافنا والوصول إلى غاياتنا الأسمى.
وفي ذلك الإيقاظ الذهني ما يجعلنا نشعر بانخفاض منسوب اللوم لأنفسنا، عندما نركز على الجوانب التي تقع تحت إرادتنا، بدلاً من التركيز على الجوانب التي تكون خارج نطاق إرادتنا.
إن أقصى ما يمكننا القيام به لأهدافنا هو تهيئة الأسباب لها، لكننا لا نستطيع فرْض النتائج.
وهذا بدوره يجعل الإنسان يتحلّى بفضيلتي شجاعة المسؤولية، والسلام الداخلي.
فيكون مسؤولاً عن بذْل الأسباب الحقيقية لتحقيق مبتغاه، ويمنحه سلاماً داخلياً بأن الذي لم يتحقق؛لم يكتبه الله له.
ومثال ذلك،يمكننا رعاية أولادنا وتوجيههم، ولكننا في النهاية لا نستطيع السيطرة على ما يكونون عليه عندما يكبرون.
كذلك، يمكنك أن تكون مهذباً ومؤدباً، و”متربي عشر مرات”، ولكن لا يمنع -ذلك الأدب كله- الآخرين أن يتجاوزوا حدود اللباقة والأدب في تعاملهم معك.
ورغم ذلك، قد لا نكون قادرين على تحقيق الأمر الذي نريده بشكلٍ كبير، لكن لا يزال بإمكاننا تعزيز العمليات الأساسية التي تجعله يتحقق في يوماً ما.
والإنسان بهذا الفهم الواعي لكينونة الإرادة؛ يكون قدوةً في السعي وبذْل الأسباب، وأنموذجاً في تمسُّك الإنسان بقيمه رغم كل ما يعترضه من عقبات وصعاب.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *