صدر حديثا عن “دار الثلوثية” ، كتاب خواطر وآراء مشتركة ، جمع وإعداد الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله المشيقح، وتقديم الأستاذ الدكتور خالد بن عبدالعزيز الشريدة. ويعد هذا الْمُؤَلَّفُ الماتع إضافةً قيمة وإثراءً للمكتبة العربية؛ لما يحويه من حوارات وآراء وأفكار حول مجموعة من القضايا المهمة التي تخص الوطن والاقتصاد والزراعة والتعليم والتنمية، مع طرح لحلول وتوصيات لهذه القضايا التي أثارت اهتمام الجميع في وقتها، وذلك من خلال مشاركات متميزة لنخبة من المفكرين والباحثين ورجال المجتمع والمسؤولين الذين عُرفوا بتنوعهم الفكري، وثقافتهم العالية، ومساهماتهم المجتمعية التي أثرت الحياة الاجتماعية والثقافية والأدبية؛ وذلك للتقريب بين وجهات النظر المتباينة، ومعالجة تلك القضايا، وتقديم حلول لها بأساليب علمية رصينة، مستندة إلى تصورات ومقترحات ودراسات علمية وعملية متنوعة.
وقد جاء هذا الكتاب من الدكتور عبد الرحمن المشيقح؛ ليبرز أهمية الأفكار والآراء المشتركة التي تطرح في وسائل الإعلام في صياغة الحلول والمقترحات ووضع التصورات المستقبلية للقضايا والأحداث الحالية، ولكي يعلم المهتمين أن المشاركات الجماعية في تلك الندوات والحوارات، وعمليات العصف الذهني التي تضمنتها، شكلت دعمًا أساسيًا في تعزيز القرارات لدى أصحاب القرار.
كما أنها سلطت الضوء على بعض المظاهر المجتمعية التي كانت في حاجة إلى معالجة، وأشارت أحيانا إلى الطرق المثلى للعلاج، وكذلك إبراز تنوع المساهمات والمشاركات المجتمعية، ودور رجال الفكر والثقافة والمجتمع في خدمة المجتمع كلُ حسب تخصصه واستطاعته في المنابر الإعلامية. والمؤلف هو أحد الشخصيات البارزة التي أثرت المشهد الثقافي والإعلامي في العالم العربي، فهو قامة فكرية وأدبية تتنوع مشاركاته، تعكس ثراء فكره واتساع رؤيته وعمق تجربته.
ومن ناحية أخرى يؤكد على أهمية حفظ الوثائق وحسن أرشفة وسهولة الرجوع إليها، وهو دأب الكاتب المعروف به عند الجميع، فهو يمارس ذلك ببراعة وتميز في هذا المجال، قائلًا ” دأبي منذ الصغر الاحتفاظ بكل ما يخص المناسبات التي أشارك فيها، أو المناسبات المهمة التي أشهدها من جمع لأوراق العمل والصحف والمجلات والنشرات والدوريات وغير ذلك مما أرى أنه مناسب للاحتفاظ به، بالإضافة إلى حسن تخزينها وأرشفتها بالطريقة التي تسهل عليَّ الرجوع إليها عند الحاجة، وقد تكونت لدي مجموعة كبيرة من نسخ الصحف والمجلات والنشرات وغيرها، بالإضافة إلى مئات الكتب التي تحويها مكتبي الخاصة والعامة، وذلك لشغفي الشديد بحفظ التراث، فكل شيء أحتفظ به له أهمية عندي، استطيع توظيفها بالطريقة المثلى وفي الوقت والكيفية المناسبة”
ولولا حرصه الشديد على حفظ الوثائق وأرشفتها وتدوينها، لما خرج هذا الكتاب إلى النور، إذ يحتوي على العديد من صور الصحف عبر سنوات مضت، استخرج منها الكاتب مضامين إعلامية أثرت الحياة الاجتماعية والثقافية. وهذا يشكّل دافعًا للجميع نحو إدراك أهمية الأرشفة والحفظ، فهما ركن أساسي في استدامة المعلومات وتوثيق الأحداث والتاريخ والإنجازات للأجيال القادمة. كما يلعبان دورًا حيويًا في تنظيم المعرفة وصيانتها من الضياع، باعتبارهما إرثًا لا يُفرّط فيه، حيث تُعد الوثائق والأرشيفات خزائن للمعلومات يعتمد عليها الأفراد والمؤسسات في اتخاذ القرارات ورسم السياسات. وهذا ما يدركه جيدًا الدكتور المشيقح.
وقد جاءت فكرة هذا الكتاب رغبة من الكاتب في تزويد الأجيال بنماذج من المشاركات الفكرية الإعلامية المتنوعة لكي يستفيدوا منها، ويأخذوا ما يناسبهم، ثم لجمع مشاركاته في الحوارات الجماعية التي أجرتها بعض الصحف والمجلات، والتي كانت متوقفة على زمن ومناسبة الموضوع، وتلك الموضوعات التي طُرحت عبر سنوات مضت تعد ذات أهمية لاحتوائها على نقاط إيجابية حول الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتنموية التي تهم الوطن والمواطن.
محتويات الكتاب: وقد جاء الكتاب في تسعة فصول تنوعت بتنوع القضايا والآراء التي تناولتها وهي:
الفصل الأول: القيادة وتنمية الوطن ” وفيه قضايا وأخبار وآراء متنوعة تخص القيادة وتنمية الوطن مثل: اليوم الوطني، والأوامر الملكية، وتعين أمراء المناطق ومشاعر المواطنين تجاه ذلك، وجوانب من رؤية المملكة 2030في التنمية الاجتماعية”
الفصل الثاني: شؤون دينية واجتماعية” واشتمل على بعض من القضايا في الشؤون الدينية والاجتماعية مثل: خدمة الإسلام والمسلمين من مرتكزات سياسة المملكة الخارجية، دور الوقف في التنمية، جائزة الأمير سلمان لحفظة القرآن”
الفصل الثالث: المجالس نقلة حضارية ” واشتمل على: الجلسة الأولى لمجلس منطقة القصيم، لجان متخصصة لمجلس منطقة القصيم، أعضاء مجلس منطقة القصيم يهنئون بمجلس الشورى الجديد”
الفصل الرابع: المال والاقتصاد” واشتمل هذا الفصل على أمور تخص المال والاقتصاد مثل: الخطة الخمسية وأهمية القطاع الخاص – ومطالبات رجال الأعمال لزيادة قوة الاقتصاد، – منظمة التجارة العالمية، صناعة الزي الوطني، حوار حول المال والاقتصاد، حلول لمنع تعثر المشروعات”
الفصل الخامس: الزراعة والاقتصاد ” واشتمل هذا الفصل على أمور تخص الزراعة مثل: الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون – القصيم سلة غذاء – طفرة الإنتاج الزراعي- اقتصاديات التمور.
الفصل السادس: التنمية البشرية ” واشتمل الفصل على عدة موضوعات تخص جوانب التنمية البشرية مثل: تطويع التعليم لخدمة التنمية، يوم المهنة بالقصيم، إنشاء جامعة القصيم، مطلوب ردم الهوة بكليات تطبيقية.
الفصل السابع: الثقافة والمجتمع ” واشتمل على أمور تختص بالثقافة والمجتمع مثل: المشايخ والمسئولون بالقصيم يشيدون بالحوار الوطني، الرياضة سطت على الدور الثقافي والاجتماعي للأندية، تدشين كتاب بريدة، المثقفون يتحدثون عن تأسيس نموذج مثالي حي لأدب الحوار.
الفصل الثامن: تنمية منطقة القصيم ” واشتمل الفصل على قضايا تختص بتنمية منطقة القصيم مثل: المباني الحكومية ببريدة، مناسبة افتتاح مبنى غرفة القصيم، خدمات منطقة القصيم، تنمية المحافظات والروتين.
الفصل التاسع: الملك في القصيم ” وتناول هذا الفصل الزيارة الميمونة لخادم الحرمين الشريفين لمنطقة القصيم ومشاعر المواطنين تجاه تلك الزيارة”
كما قدم لهذا الكتاب البروفيسور خالد بن عبد العزيز الشريدة، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القصيم، الذي يتميز طرحه ورؤاه بالعمق، قائلا: “وبين يدينا هذا السفر الغني الثري بكل هذه الآراء والأفكار والتجارب والمعنون ب (خواطر وآراء مشتركة) حول مجموعة من القضايا الهامة التي تخص الوطن والاقتصاد والزراعة والتعليم والتنمية، قدمها البعض من رجال الأعمال والأدباء والمفكرين والمسؤولين في ندوات صحفية، أثرت الساحة الفكرية في وقتها، وخرجت بتوصيات ونتائج كانت عونا لمتخذي القرارات في تنمية المجتمع والسوق المحلي.
واختتم الكتاب بخاتمة أوضح فيها المؤلف أهمية هذا الكتاب وما فيه من موضوعات متنوعة ثرية مثلت مشاركات مهمة في قضايا متنوعة في عدة مجالات، تنوعت بتنوع مناسبتها فمنها الاقتصادية والعلمية والزراعية والثقافية والتنموية والمجتمعية والسياسية والوطنية.
وقد اتسم الكتاب بسهولة الأسلوب وسلاسة عرض الأفكار والمعلومات بطريقة مباشرة ومفهومة دون الحاجة إلى تعقيد أو تكلّف، واتباع المنهج الموضوعي في الطرح والحوار، معتمدا على الأدلة والبراهين في عرض البيانات والمعلومات حول القضايا محل الحوار.
نزار عبد الخالق
مقالات سابقة للكاتب