(1) والكاتبة المتألقة عقيلة آل حريز لا تتوقف عن الإنجاز فلا يمضي عام إلا وتصدر رواية أو مجموعة قصصية أو كتابات نصوصيَّة لأن الكتابة – كما تقول – نزعة ذاتية تظل تشغل الكاتب وتشاكسه حتى يستجيب لها…” [لقاء صحيفة الرياض، الخميس 5 شعبان 1445هـ].
وبين يدي الآن آخر إصداراتها الموسوم بـ/ كما لو كنت جاراً لأحدهم، الصادر عام 1446هـ/2025م في طبعته الأولى، عن دار مكتبة المتنبي بالدمام. كتاب لاتستطيع تجنيسه ضمن بوابات الأدب وأجناسه المتعارف عليها، لكنه يمتلك لغته الأدبية النثرية، وأسلوبه الماتع السردي، وآفاقه المجتمعية/ الحياتية وتوسلاته بالمتن القصصي المضمخ بعبير الحكايات والقضايا والحلول!!
والكتاب – ثانية – يتنامى من خلال الثنائيات المتلازمة والمتضادة: المشكلة والحل، الأنثى والرجل، الحالة والتقييم، الصدمة والعلاج، الألم والأمل في خوارزميات من الأفعال ووردَّاتها، والأقوال وحمولاتها، والنتائج ومسبباتها.
وكل هذا – يبدو لي – من الأساليب الكتابية/ النصوصية التي تحتفي بالذات – ولاسيما الذات الكاتبة/ الذات الموجبة، الذات المنجزة – كما تحتفي بـ/ الآخر المقابل/ الآخر المستفيد، الآخر المحتاج لشيء من الاهتمام.
* * *
(2) أقرأ نصزص الكتاب فتعجبني تلك العبارات المفتاحية التي تطرز بها الكاتبة عقيلة آل حريز بداية نصوصها، فهي مستجلبة من النَّص نفسه، وليست خارجة عليه. مستنبتة من الموضوع ذاته ودالة عليه. تتوخى في ذلك الأساليب الإنشائية/ الإبداعية، والتقريرية الأنيقة لتصبح جملة تعريفية، وفاتحة إبستمولوجية مكثفة وموحية، ولكنها من نفس النسق الكتابي وليست خارجة عليه.
وهذا يوحي للقارئ أن الكاتبة/ المؤلفة، تمتلك مفاتيح العمل النُّصوصي وتحوله من قضايا ومشكلات وحلول إلى فضاءات نصيَّة/ أدبية فيها من السيرة الغيرية والحالات النفسية والمشاعراية الشيء الكثير.
بقي أن أقول إننا أمام كتاب نصوصي بامتياز تتراوح حالاته في حدود (49) حالة، نتقاسمها قضايا وشؤون المجتمع بدائرتيه الأنثوية والذكورية، وبإحصائية عالة اكتشفنا:
15 حالة ذكورية
2 حالتين جمعية ذكورية/ أنثوية/ عائلية
32 حالة أنثوية
ومن خلال هذه الإحصائية نقف عند دلالة الحالات الأنثوية وتمركزها وتمددها في الذاكرة النصوصية لكاتبتنا عقيلة آل حريز، متسائلين هل لكونك امرأة أغلب حالاتك العلاجية من الإناث؟! وهذا وارد فالمرأة تبث مشاعرها أمام امرأة مثلهاـ وقليل من يفعل ذلك من الرجال!!
* * *
(3) وأخيراً فمما يُجلِّي هذه الحالات الكتابية/ النصوصية تلك المفاتيح الأولية التي أوردتها المؤلفة في بدايات كتابها الصفحات (الخمس) قبل فهرس المحتويات الذي عرفت به بطريقة حديثة عندما قالت: خريطة الوصول لبيوت الجيران (الفهرس)، وما تبعها من الصفحات التقديمية (الإحدى عشر) وفيها مداخل أولية ومفاتيح تعريفية وعتبات إهداثية، وكلها تمثل شيئاً من شخصية الكاتبة/ المؤلفة الذاهبة بعيداً في التجريب والتجديد الكتابي!! وهذا يحسب لها ويضيف إليها نكهة أسلوبية ماتعة.
وختاماً: فأنا سعيد بمصاحبة هذا الكتاب طوال الفترة الماضية قارئاً/ متأملاً، وباحثاً/ راصداًـ وكاتباً/ ناقداً في تواصلية مبهجة مع هكذا نوع من النصوص الإبداعية التي تنقلنا من عالم الذات إلى عوالم من المجتمع، نتعايش مع همومهم ونتطارح معهم علامات الاستفهام المعاصرة.
كما أننا جيران لهم أو لأحدهم…
وهذا ما تريده منا المؤلفة.
والحمد لله رب العالمين.
جدة: من مساء الأحد 21/4/1447هـ
إلى مساء الخميس 1/5/1147هـ

مقالات سابقة للكاتب