التلاعب بالألفاظ ولي عنق الكلمات والعبارات والمصطلحات هو سمة بعض الذين يتسترون وراء الحق زاعمين ومدعين المثالية والأخلاق والشفافية ويغلّفون باطلهم بثوب مزخرف (ومزركش) ظاهره الحق وباطنه المكر والخديعة ليوهموا السذج الذين يحبون الراحة الفكرية ولا يحاولون سبر أغوار الأمور التي يطلقها أصحاب المكر، نعم إن سيدنا محمد بن عبد الله ﷺ ليس مصلحاً اجتماعياً فقط وهذه الكلمة الفضفاضة (المطاطة) تحتمل معاني كثيرة منها ما هو جيد ويدعو الى الفضيلة والحق ومنها ماهو من قبيل الخداع والمراوغة، إن رسولنا الكريم ﷺ هو نبي ورسول مرسل من عند الله كما أرسل قبله آلاف من الأنبياء والمرسلين وهو خاتمهم فليس بعده نبي أو رسول فهم أنبياء ورسل قبل أن يكونوا مصلحين ومصطلح المصلح أو المصلحون هذه صفة من جملة صفات اتصف بها الأنبياء والرسول كالأخلاق وخفض الجناح والرحمة وكل المعاني الفاضلة ولا ينفع أن نأخذ كلمة الإصلاح هكذا مجردة ونصف بها الأنبياء والرسل بل يجب علينا أن نقر اولاً ونسميهم بما سماهم به الله الذي ارسلهم لأقوامهم ككل الأنبياء الذين سبقوا خاتمهم والذي ارسل رحمة للعالمين.
والذين جاءوا بعده من بشر عاديين ليكملوا ما أرسل به فهم بهديه يسيرون وبنوره يستنيرون وبعد ذلك قد نسميهم مصلحون أما هو ﷺ فنبي رسول وإياكم أن يخدعكم الأعداء ويلبّسون عليكم دينكم فكم سمعنا مثل هذه المصطلحات من المستشرقين أولاً ثم تبعهم من بعض المسلمين منهم من بحسن نية ومنهم متعمدون ونوايهم خبيثة ليوهموا الناس ان محمداً ﷺ إنما هو مصلح وليس رسول يوحى إليه وحتى الذين ينادون المسلمين بأنهم ( محمديون) أو يقولون الدين المحمدي فهم يقصدون أن محمداً ﷺ جاء بهذا الدين من عند نفسه وليس الله هو الذي بعثه وارسله ليكون للعالمين نذيرا فلننتبه فهناك حملة شعواء لثني الشباب عن دينهم وقرآنهم والسير بهم حثيثاً نحو التشكيك في دينهم وقرآنهم ونبيهم ومن ثم الوصول بهم الى التشكيك في ربهم وخالقهم سبحانه وتعالى فإن إبليس وَجنوده من الجن والإنس لا ينامون ابدا.
نعم حتى ولو احتجوا بقول نبي الله شعيب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام (وَيَٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ) ، ثم خاطبهم (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) إنما جاءت كلمة الإصلاح في جملة من النصائح لقومه الذين كانوا ينقصون الميكال والميزان فقال لهم (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) اي بهذه النصائح والأوامر التي جأتكم بها من عند الله الذي ارسلني، وليس هذا هو مقصد الذين زعموا أن الأنبياء والرسول إنما هم مجرد مصلحون في قومهم ولم يكونوا أنبياء ليهموا كما ذكرنا اصحاب العقول المستريحة التي أحبت الدعة والسكون والراحة على المجالدة بالحق وللحق ونحن في زمن هذه التكنولوجيا التي أعطت كل من ليس له علم الحق بأن يتكلم يحاجج بالباطل ويسير وراء المغرضين الذين وجدوا الفرصة للنيل والتشكيك وأخذوا يفركون أكفهم فرحاً بأنهم وجدوا ضالتهم التي كانوا يبحثون عنها فأعجزهم أولئك المنافحون عن الدين والعقيدة بهمة عالية تناطح الجوزاء وتصل الى عنان السماء وكانوا دائمآ حين انهزامهم يعودون لجحورهم وسراديبهم حتى اذا وجدوا ثغرة في الأمة يدخلون من خلالها لبث سمومهم استيقظوا وراحوا ينفذون خطة قائدهم وزعيمهم ومحركهم إبليس، فعلى الأمة أن تنتبه لما يراد بها فاللهم اسألك أن تنور بصائرنا وتردنا اليك رداً جميلاً.
إبراهيم يحيى ابو ليلى
مقالات سابقة للكاتب