كنت أتأمل كل حركة منك، أراقب كل التفاتة، ثم أبدأ بتقليدك، فقد كنت العالم الذي أستقي منه ملامحي.
كنت أنسج ثياب أحلامي من خيوط دعواتك، وألتمس في كلماتك طمأنينة تشدّ على يدي في دروب الحياة.
في صغري، كنت هشة أمام العقبات، ضعيفة أمام التجارب، لكن نظرة منك، إيماءة عابرة، أو حتى مرورك الليلي بغرفتي، كان يكفي ليكللني بحصانة لا تخترق.
وحين كنت أهمّ بنزق ما، تتراءى لي كلماتك، نظرتك الحانية، كأنها تقول: «لقد أحسنت تربيتك، فلا تسمحي بأن تنتقص»، فأتوقف، وأعود إلى دفء رضاك.
وبين يوم وليلة، أصبحت أمّا… وكأن هذا هو أول فعل أردت به أن أكون مثلك.
أصبحت أمّا تشبه كل الأمهات، لكنني ما زلت أبحث عن رداء صلاتك، عن سجادتك، عن مسحة من يدك…
أطبخ ذات الأطباق التي كنت تعدينها، لكنها تفتقد أمنياتك، كأن النكهة تاهت مع غيابك.
أنطق كلماتك، لكن بصوتي أنا، لا بصوتك.
أشرب الشاي بطريقتك، في كوبك ذاته..
أعيد ترتيب حكاياتك، أستحضر جاراتك، وأتذكّر صديقاتك…
ثم تأتيني كلمة عابرة من هنا وهناك: «يوم أم سعيد!»
فأبتسم… نعم، يوم أم سعيد.
ومضة:
أجمل يوم في حياة الأم هو ذلك اليوم الذي يحس قلبها بتلك المضغة تنبض في أحشائها… هكذا قالت لي أمي.
✍️ أمل عطية
مقالات سابقة للكاتب