خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا

🖋️‏قال الله عز وجل في سورة براءة في بيان صنف من عباده: (( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفورٌ رحيم )) -براءة:102-.

‏قال الشيخ السعدي رحمه الله: ” دلّت الآية على أن المخلط المعترف النادم، الذي لم يتب توبة نصوحاً، أنه تحت الرجاء والخوف، وهو إلى السلامة أقرب. – ومن رحمة الله الواسعة أيها الأكارم وفضله العظيم – أن المسرفين على أنفسهم الذين قطعوا أعمارهم بالأعمال السيئة، إذا تابوا إليه وأنابوا، ولو قبيل موتهم بأقل القليل، فإنه يعفو عنهم، ويتجاوز عن سيئاتهم “.

‏قال سبحانه بعدها: (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلوتك سكن لهم والله سميع عليم * ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم )).

‏وفي الآيتين دليل عظيم على أثر الصدقة في محو الذنوب وتكفيرها، فحريٌ بمن خلّط وأسرف وندم أن يُكثر من الصدقات بالليل والنهار سرا وعلانية لعل الله أن يدخله في قوله: (( الذين يُنفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )).

‏وليكن المؤمن على حذر من أمور:

‏” فالصغائر إذا اقترنت ببعض الأفعال عظم إثمها، ومن ذلك:

‏1- السرور بالمعصية والفرح بها.

‏2- المجاهرة بالمعصية والافتخار بها.

‏3- الاستهانة بالمعصية واحتقارها.

‏4- أو الإصرار على المعصية. ” 

‏نسأل الله العافية من ذلك كله.

‏وليُعلم – كما قال أهل العلم – أن: ” من استنزل نفسه عن مذمةٍ فصرفها عن لائمةٍ، هو أظهر حزما، وأقوى عزما، مِمّن كَفَتْهُ النفسُ جِهادَهَا، وأعطتهُ قِيادَهَا، ولذلك قال علي بن أبي طالبِ رضي الله عنه: ” خِيارُكُمْ كُلّ مُفَتَّنٍ تَوّابٍ “.

‏وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صححه الألباني قوله: ( ما من مؤمن إلا و له ذنب ، يعتاده الفينة بعد الفينة ، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه ، حتى يفارق الدنيا ، إن المؤمن خلق مُفتّناً ، توّابا ، نسيّا ، إذا ذُكِّر ذكر ).

‏فلا يمل المؤمن أبدا من الاستغفار والأوبة والعودة ولو أذنب في اليوم سبعين مرة:

‏_ قيل للحسن البصري رحمه الله : ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود، ثم يستغفر ثم يعود؟!، فقال : ” ود الشيطان لو ظفر منكم بهذه، فلا تملوا من الاستغفار “.

‏_ وقال أيضا وصدق والله: ” من أعظم المصائب للرجل أن يعلم من نفسه تقصيراً، ثم لا يُبالي ولا يحزن عليه “.

‏ولنتأمل أيها الأفاضل كيف كان الصالحون يعالجون أنفسهم إذا تكررت الذنوب:

‏قال أحدهم: ” أخذت على نفسي أني كلما اغتبتُ إنساناً؛ أصوم يوماً، فأجهدني، فكنت أغتاب وأصوم، فنويت كلما اغتبت انساناً أن أتصدق بدرهم، فمن حُب الدراهم تركت الغيبة “، قال الذهبي في تعليقه على هذا القول: قلت: ” هكذا والله كان العلماء، وهذا هو ثمرة العلم النافع “.

‏__ ختاماً:

‏عن بكر بن عبدالله قال: ” إنكم تستكثرون من الذنوب، فاستكثروا من الاستغفار، فإن الرجل إذا أذنب ذنباً ثم رأى إلى جنبه استغفاراً سرّه مكانُه “.

‏فيا أيها المبارك:

‏” إن تكُ بالأمس اقترفت إساءةً 

‏ فثنِّ بإحسانٍ وأنت حميدُ 

*********

‏ ولا تُرجِ فعل الخير منك إلى غدٍ 

‏ لعل غداً يأتي وأنت فقيدُ “.

*********

‏وخاطب نفسك دائماً وقل لها:

‏” يانفسُ إن لم تصلُحي / فتشبّهي بالصالحينا “.

د. سعود بن خالد

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *