اللبن

عندما تميل الشمس نحو المغيب مؤذنةً بالرحيل ويحل الظلام بعد يوم حافل قضيناه في اللعب والمناوشات البريئة.

فيسدل الستار في قريتي الصغيرة المزدحمة بالدور المتقاربة أجساداً وأرواحاً وبأفنيتها الواسعة حباً ووفاءً ..

هناك تناديني أمي وتضع بين يدي قدحاً من اللبن وتشد على يدي الصغيرتين وتقول: اذهب بهذا إلى جارتنا ، فانطلق ملتمساً بقايا النهار أحث الخطى قبل أن يداهمني الليل بظلامه فأضعه عند متاع جارتنا وأعود مسرعاً لإخوتي ابحث عن نصيبي من اللبن قبل أن يختفي ثم تقيد الحالة ضد مجهول ! وأبيت طاوياً خاوياً.

وعلى مقاعد الدراسة روى لنا المعلم قصة أخرى للبن ، هي قصة (بائعة اللبن وابنتها) .. أم أنهكها الفقر وأضناها نصب الليالي والأيام .. وابنةٌ على الفطرة .. استهوتنا القصة وتشربنا منها محبة الصدق وجمال الأمانة.

وبين جمال العلاقات الحميمية التي تربط بين الجيران قي تلك الأيام الجميلة وبين القيم النبيلة التي تضئ ماضينا المجيد اندثرت صفحات من الوفاء وغابت جملة من القيم الأصيلة .

كم هي تلك الانجازات الوهمية والوقائع المؤلمة التي نعيشها صباح مساء يمزج فيها اللبن بالماء حتى لم يبق للبن أثر .. بل غدا سراباً يحسبه الضمآن ماءً

عندما تتربى أجيالنا على قيم الأمانة وتصبح سلوكاً نمارسه في شتى شؤون حياتنا عندها سنشرب اللبن خالصاً سائغاً للشاربين.

 

عبدالرحمن مصلح المزروعي

مقالات سابقة للكاتب

5 تعليق على “اللبن

شكيل

سبحان الله 
انت من الناس الذين جعل الله لهم ودا
لدي ولدى من اعرفهم من اصدقائي

مقالاتك رائعه 
او ان عين المحب كليلة عن كل زلة

شكرا لك ابو عاصم وانا في شوق لرؤيتك والانس بقربك

 

ورد وشوك

كلام حقيقي تغيرت الدنيا واصبح الغش كثير غش في المعاملات وغش في الاخلاق وغش في العمل
مابقي لبن كله اصبح ماء في ماء والناس الطيبين ولوا وانقرضوا وجاء جيل الانانيه
لكن مازال الآمل موجود
مقالك رائع جداً وممتع

ابو حسان

مبدع اخي ابو عاصم كعادتك ذكرتني بالزمن الجميل زمن اﻹبداع وظهور المواهب وصقلها من خلال
المشاركات المتعدده والمتنوعه في النادي ومن خلال الجهود الذاتيه التي صقلت المواهب وبرز كاتب
القصه والمخرج والمذيع ووالممثل والشاعر والمنشد و…..و…. من خلال اﻷنشطه الثقافيه ..وكذلك
اللاعب والحكم والمعلق.و……و….من خلال اﻷنشطه الرياضيه.في جو جميل تسوده اﻷخوه والهدف
الواحد والروح الجماعيه…………حقا لم استغرب هذا التألق من رفيق درب اكن له كل حب وتقدير
واحترام …اخي اتمنى لك التوفيق وارجو اﻹستمرار في العطاء والمشاركات المميزه التي تثري الساحه
بالممتع والمفيد.

أبو عبدالله

واسمحوا لي أن اتراصف مع جيلكم الذي ربما يصدق فيه من قال ووصفه بالجيل الذهبي .
ذكرياتك أبا عاصم هي حنين لكل جيلنا الذي عشناه في حب وألفة واحترام . نتج عنه مخرجات إبداعية ومواهب كانت من الإبداع بمكان. كما وصفها شريك الجيل . أبو حسان
مقال . رااائع لذكريات جميلة . ﻻ عدمناك أبا عاصم

وادي غران

رائع أبا عاصم
مقال جميل بالفعل
الصيف يجمعنا !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *