العمل الكشفي بدون إعلام كمن يحرث في البحر

في شهر فبراير من عام 1994 التقيت في بهو أحد الفنادق في هليوبوليس بمصر الجديدة شمال شرق القاهرة مصادفةً بالأمين العام لرواد كشافة الإمارات الدكتور أحمد بن ثاني الدوسري ، وكان حينها يقوم بمهمة المفوض الدولي لكشافة الإمارات ، وعضو لجنة العلاقات العامة والإعلام ، ودار حينها بيننا حديث طويل في الإعلام الكشفي وكيف يمكن أن نساهم في تطويره  ، ولما وجدت أن لديه كم من الأفكار الجميلة ، ولشغفي لكل فكر نير جديد  وكنت لازلت من الشباب المتحمسين ومتعاوناً في صحيفة الرياض طلبت منه أن ينتظر لأحضر جهاز التسجيل ، فقال حينها يمكنك أن تكتفي بالكتابة فكان أن وافقت على مقترحه فقد يكون لايرغب بالتسجيل ، والصحفي الذكي هو من يقرأ أفكار من أمامه أكثر مما يقرأ ما قال فتساعده على توجيه الأسئلة للحصول على ما يريد.  

كان المكان الذي نتواجد فيه قريب من الاستقبال وهو ما سبب لنا بعض الازعاج ، انتقلنا حينها إلى مكان آخر في البهو وطلب لنا شاي ، أدركت حينها أن ” أبو فهد” وهو اللقب الذي يحبه مستمتع بوجودي ولا يضايقه أن طال حديثنا ولم أكن أعلم أنه ينتظر سائقه الخاص، فكان أن وجهت له سؤالاً : هل الإعلام الكشفي العربي يواكب اليوم ما تقوم به الجمعيات الكشفية العربية تجاه المجتمع ، وتنشئة الأفراد ؟ ، فأجابني بلغة الخبير : لا أستطيع أن أُقيم عمل الآخرين فلست مطلع على أعمال وجهود الجميع ، ولكن الجمعية التي لا تعطي للإعلام الكشفي أهمية هي كمن يحرث في البحر ، فكان أن جرني إلى سؤال آخر : برأيك كيف يمكن أن نطور من الإعلام الكشفي ؟ فقال بلغة الممارس موضوع تطوير الإعلام الكشفي ليس بالأمر اليسير أو السهل ، لأن هذا يحتم على الجمعيات أن تنظر إلى الإعلام نظرة موضوعية وأن تهتم به من خلال توفير كوادر مؤهلة قادرة على فهم طبيعة دور الإعلام وأن يكون التواجد للحركة الكشفية في مختلف الأنشطة هو الحافز لدى وسائل الاعلام ، وبالتالي فإن الاهتمام بالإعلام الكشفي يكون بالفعل والتطبيق لا بالأقوال فقط .

قلت له : كيف يمكن برأيك أن نطور إعلامنا الكشفي ؟ أعتدل في جلسته .. وأخذ نفساً عميقاً ثم قال : بالشراكات والعلاقات الوثيقة مع مختلف المؤسسات الإعلامية ، فهي من ستنقل لك الصورة الإيجابية للحركة ومن خلالهم ستجد الكشفية صدى طيباً لدى الحكومات وستكون أفضل وسيلة لجذب الفتية والشباب للحركة .  

وفيما أنا أهم بطرح سؤال آخر حضر السائق الخاص له واستأذنني أنه مرتبط بموعد ولايستطيع البقاء أكثر من ذلك حيث لايعلم مدى الزحام الذي سيواجهه إلى أن يصل إلى وجهته .

مشيت معه إلى السيارة وقلت هل تسمح لي بنشره قال : بكل سرور فنحن جميعاً مُسخرين لخدمة الإعلام الكشفي العربي ، والإعلام اليوم ” يابن العم ” بات ضرورة لأي مؤسسة ناجحة تسعى إلى مزيد من التطور والتقدم وخلق صورة ايجابية .

ودعته على أمل أن نلتقي مرة أخرى ، ولم يحصل حينها فقد كان تواجدنا بالقاهرة لأعمال خاصة بكل واحد منا .

وقفة
شهادة للتأريخ : أن كًل ما طرحه الدكتور أحمد قبل ربع قرن ، أجده اليوم قد تحقق فالشكر لله أولاً ثم لكل أمناء الإقليم ، وللذين تسنموا إدارة الاعلام والاتصال بالإقليم .

 

مبارك بن عوض الدوسري

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “العمل الكشفي بدون إعلام كمن يحرث في البحر

القائد الدكتور.عبدالوهاب محمد الإدريسي

صدق الشراكات واستغلال امكانات المؤسسات الإعلامية ذات الخبرة والاحترافية من أهم الأسباب التي تنهض بالإعلام الكشفي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *