شايق هو

د. يوسف العارف

شايق هو/ شايقهو!!!

 قراءة نقدية في المضامين والعتبات النَّصِّية

(*) حول كتاب (قهوشة) للكاتب أحمد أكرم… من أصداء معرض الكتاب ومآرب أخرى.

تقديم:

   … وعلى هامش معرض الرياض الدولي للكتاب 2025م.. وفي أجوائه المفعمة بالقراءة والتداول المعرفي، وبالقرب من جامعة الأميرة نورة.. جمعني ذات مساء الابن (ريان) مع ثلة مباركة من زملائه ورفاق العمل الشبابي فلقيت منهم كل حفاوة واحترام وتقدير، ولمست فيهم النبوغ والكياسة والمعارف العصرية، ووجدت فيهم حب التعلم والممارسة المهنية والتثاقف الممنهج والديناميكية الشبابية المتطلعة للمستقبل بكل إيجابية وأريحية..

شباب طامحون إلى المعالي

وجيل يحمل الرأي الجسوراا

****

لهم في كل معترك أياد

تطول معارفاً تَبني جسورا

****

سعوديون قد مُلِئُوا ثباتاً

سعوديون قد مُلِئُوا حبورا

   شباب فيهم الشاعر والأديب، وفيهم القاص والكاتب، وفيهم المثقف القارئ/ والمدرب المتعالق مع التطوير والتحفيز والبناء المعرفي.. تجاذبنا أطراف الثقافة، وتعاطينا العلم والمعرفة والخبرة والتجارب، استنصحوني فكانت النصيحة الوافية الشاملة التي ختمنا بها سهرتنا التداولية/ المعرفية: القراءة ثم القراءة ثم القراءة وذكرت لهم أن هناك قراءتان: قراءة استهلاكية.. وهي تلك القراءة الذاتية.. غير المتعدية.. القراءة للعلم والثقافة الشخصية/ الذاتية.. القراءة التي تقف عند التعلم والتثقف!!

   وهناك القراءة الإنتاجية.. قراءة التثاقف والعطاء والإنتاج المعرفي.. القراءة التي تتعدى الذات إلى الآخر إثراءً وإفادة ونمواً وتعالقاً، القراءة التي تتبعها الكتابة والحوار والتنامي الفعَّال.

   وخلصت الأمسية الشبابية/ الحوارية إلى توصيتين أكدنا فيها على:

   الأولى: العمل الجماعي على إصدار كتاب جديد يحتوي على التجارب والخبرات والمكتسبات لهذه الثلة المباركة يعملون عليه طوال هذا العام 2025/2026م ويصدرونه مطبوعاً أو رقمياً في معرض الرياض الدولي القادم 2026م (إن شاء الله).

   الثانية: أن يقوم الابن (ريان) مع أحد زملائه المتطوعين بإنشاء موقع إلكتروني أو منصة رقمية أو مدونة نقدية ثقافية يجمع فيها كل كتبي المنشورة التاريخية والتربوية والنقدية والشعرية وإتاحتها للقراءة والمتابعين مجاناً عطاءً واستفادة وتسميتها (المدونة العارفية). ولعل الأيام القادمة تنبئ عن جديد!!

*    *    *

(2) ومن جماليات هذه السهرة الشبابية/ الثقافية أن أهداني أحد المشاركين وهو الشاب أحمد عبدالعزيز أكرم، كتابه الأول الموسوم بـ (قَهْوَشَة)، المطبوع والمنشور عام 2019م عن دار ملهمون للنشر والتوزيع، فيي طبعته الأولى، وهو كتاب صغير الحجم، أنيق الفكرة، رائع التبويب، يَنُمُّ عن ذائقة ثقافية وقرائية ناضجة/ رغم حداثة السِّنِّ، وشبابية التجربة!!

   لم أنم ليلتها حتى تصفحت الكتاب فوجدته مليئاً بالحكايات والقصص والمواقف، غاصاً بالتجارب والنجاحات والإحباطات.. ولذلك اختارت الدار الناشرة تصنيفه وتجنيسه تحت مسمى (نصوص)، بينما هو (في واقع الحال) أقرب إلى السيرة الذاتية، أو الخواطر والمواقف ذات اللغة الأدبية/ السردية، والجماليات الأسلوبية المحفزة على التواصل والتثاقف والقراءة الاستيعابية/ والإنتاجية!!

   والذلك كان الكتاب رفيقي في مطار الرياض صباح السبت 18/4/1447هـ وأنا عائد من معرض الرياض الدولي للكتاب إلى جدة.. واستمر رفيقي في مكتبتي حيث أتناوله بين الفينة والأخرى حتى أكملت القراءة وبدأت الكتابة عنه صباح الاثنين 21/4/1447هـ عبر هذه المحاور المعرفية والكتابية:

أولاً: العتبات النَّصِّية.. والديناميكية الكتابية:

   وأعني بـ (العتبات) – كما هي في الدراسات النقدية الحدثية – كل ما يحيط بالنَّص المكتوب/ المتن الكتابي، من عناوين وأغلفة، وافتتاحيات وهوامش ودراسات.

   وسنقف في هذه الدراسة على نوعين من العتبات في الكتاب الذي بين أيدينا وهما: عنوان الكتاب، والكلمات والعبارات المفتاحية لكل جزء من فصول الكتاب:

   أولاً: عتبة العنوان: إن صفحة الغلاف وما عليها من رسومات وأشكال وألوان وما اختاره المؤلف/ أو الناشر/ من عنوان الكتاب  تعتبر – عند القراء والنقاد المحدثين – مفاتيح إجرائية فاعلة للولوج إلى متن الكتاب وفضاءاته النَّصِّثَّة وفتح أبوابه وكشف مغاليقه أمام القارئ/ المتلقي. إضافة إلى كونها جهازاً مفاهيمياً يحدد هوية النَّص والإشارة إلى مضمونه.

   وهي بذلك نصٌّ موازٍ، وظاهرة سيميولوجية يتعاطاها المؤلف بوعي منه أو بغير قصد، لكنها عند الناقد ذات حمولات مهمة وفاعلة.

   اختار الكاتب/ أحمد أكرم عنوان كتابه (قَهْوَشَة)ـ على غلاف ذي ألوان متعددة ومتداخلة تبدو فيها البيوت والمنائر والقباب وصورة رَجلٍ بشعر رأس أسود كثيف ولحية مرسومة، ووجه جانبي وتبدو عيناه مغطاة بلون أخضر كشريط لاصق!! ثم دار النشر (ملهمون) ثم اسم الكاتب (أحمد أكرم).

   هذا التداخل اللوني من برتقالي إلى أخضر إلى أسود وأحمر وبني فاتح، يعطينا دلالة وإيحاء إلى التداخل الموضوعاتي في متن الكتاب وموضوعاته المتنوعة من تجارب وذكريات والتي أفصح عنها المؤلف/ أو الناشر على صفحة الغلاف الأخيرة إذ ورد فيها تعاريف بالكتاب:

   “في (قهوشة) سوف نقرأ قصصاً، ومواقف متفرقة…”

   “دعني أخبرك بأني جعلت القصص تحتل الجزء الأكبر في البداية ثم ختمت الكتاب بخلاصة تجربتي في الحياة”

   وهذه العبارات الدالة والمفتاحية مُجْتَزَأةْ من المقدمة ص7.

   ولكن الأهم في هذه العتبة النصية/ هو العنوان (قهوشة) التي تثير حدس القارئ ويحاول البحث عن معناها في الذاكرة والوعي فلا يجد إلا جُذاذات وتحزيرات لا تؤدي إلى دلالة فكرية أو موضوعاتية. ويبحث عنها في المقدمة أو فصول الكتاب فلا يجد لها معنى إلا في آخر صفحة (106) قبل الخاتمة حيث يفاجئنا المؤلف بالمدلول والمعنى الحقيقي الذي أخفاه طوال مسيرتنا القرائية مع الكتاب.

   يقول المؤلف: ” أخيراً (قهوشة) هو مزيج من القهوة والشاي” وهو اسم منحوت وجديد من كلمتين (قهوة + شاي) فصبَّ لنا المؤلف بقدرة اختزالية ولغة مكثفة وجديدة على السمع البصري أو البصر السمعي هذه المفردة (قهوشة) على غير مثال وهذا هو الإبداع.

   لكن (قهوشة) إذا أرجعناها إلى أصلها وجذرها اللغوي لوجدناها من = قهوة/ شاي، فمن مفردة (القهوة) أخذ حروفها الأربعة وهي بذلك معبرة وواضحة، ومن (الشاي) أخذ حرف (الشين) فقط ثم جاء بـ (الهاء) الحرف الأخير من (القهوة).

   ودلالة ذلك – فيما أراه – استجابة لاواعية لدور (القهوة) في حياة الكاتب فهو متعايش معها، ربيب لها كجيل الشباب اليوم الذي تراه عند (الكافيهات) و(المقاهي) التي انتشرت كالنار في الهشيمّ!؟

   بينما نجد حرف (الشين) من الشاي فقط وهذا فيه دلالة على البعد النفسي والمعنوي للكاتب عن (الشاي) وطبوغرافيته غير الجاذبة أو المستفزَّة.

   ومن هذا التداخل النقدي مع مفردة (قهوشة)/ عنوان الكتاب توصلت إلى صيغة مقترحة أخرى للعنوان هي (شايقهو) لعلها تنصف أخانا (الشاي) فتجعله المقدَّم على (القهوة) أو على الأقل – فيه شيء من العدل والإنصاف بين هذين المشروبين الأثيرين في حياتنا الاجتماعية، فأخذنا من (الشاي) حروفه الثلاثة الأولى (شاي) ومن (القهوة)!! حروفها الثلاثة الأولى (قهو) وجمعناهما في مفردة منحوتة واحدة (شايقهو)!!

   وأعتقد أن (شايقهو) هو عنوان شاعري جميل وجديد ونحت لغوي مكثف ومقبول فيه رزانة الشيوخ وخبراتهم الحياتية، ولعله أفضل من (قهوشة) التي تميل إلى لغة الشباب وأطروحاتهم المتعجلة!!

   وهنا يتأكد لنا قيمة العتبة العنوانية/ النصيَّة في فهم واستجلاب المعاني والدلالات القيمية لما نحن قادمون عليه من قراءة واستجابة لما هو مكتوب.

ثانياً: عتبة المفاتيح النصيَّة أو العبارات المفتاحية:

   وهذه تقنية جمالية/ وكتابية يأخذ بها كثير من الكتاب، وفيها دلالات ثقافية، وأطر معرفية تبين كثيراً من اهتمامات الكاتب/ المؤلف، وانحيازاته الثقافية وحمولاته الفكرية والأدبية.

   وفي هذا الكتاب نجد المؤلف أحمد أكرم قد قسم كتابه إلى (28) نصَّاً ولم يسمها (قسماً، محتوى، فصل، محور) وإنما وضع لكل نص رقم وعنوان موضوعي. لكنه احتفى بـ/ الرقم وجعله هو الأبرز؟ وهنا دلالة معرفية تخطر على بال الناقد (أنا) ويكشفها الدرس النقدي ويعلق عليها فحروف الأبجدية العربية، و(الألفائية) المعروفة تتكون من (28 حرفاً) وعليها يَنْبَنِي الفكر والثقافة والمعرفة.

   ومن هنا ارتقت ذهنية المؤلف ليوجز لنا سيرته في هذه الـ (28) مقطعاً أو خاطرة أو محتوى سمه ما شئت!! ومع كل (ترقيمة) يجد القارئ مفتاحاً نصِّياً مقتبساً من أضابيرنا الثقافية والمعرفية وهي عبارة تعريفية مسندة لصاحبها وقائلها أو كاتبها!!

   وباستقصاء هذه العبارات وجدنا ما يلي:

          – آيات قرآنية وأحاديث نبوية,

          – أحد المفسرين وعلماء الدين.

          – بعض الشعراء والأدباء والروائيين المحدثين.

          – بعض المخترعين والمفكرين والمتحدثين.

          – بعض رجال الأعمال وصانعي المحتوى ا لرقمي.

   وكلهم ينتمون لثقافات عربية وغربية، قديمة وحديثة استفاد منهم الكاتب واختار مجموعة من نصوصهم وأحاديثهم لتكون مفاتيح دالة ومحفزة قبل كل (ترقيمة)!!

   وفي كل ذلك تتضح شخصية المؤلف/ الكاتبـ وثقافته العميقة وقراءاته المتعددة، ومثاقفاته المتميزة، مما يجعل كتابه هذا (يتناص) مع أطروحات أولئئك المستثمرين نصياً كغبارات مفتاحية دالة ومعبرة.

   ومن خال هاتين العتبتين النصيتين/ أو النصوص الموازية نستطيع القول أن الكاتب/ المؤلف أحمد أكرم قد سجل حضوراً معرفياً في المشهد الثقافي السعودي وخاصة بين فئة الشباب/ الكتاب المعاصرين.

*    *    *

ثالثاً: التجنيس الكتابي:

   لقد عرفنا في ثقافتنا المتجذرة الكثير من الأجناس الكتابية فهناك الشعر، بأنواعه واتجاهاته ومدارسه. وهناك النثر، بمقولاته وتوجهاته وفضاءاته.

   وتوالدت بعد ذلك أجناساً جديدة مثل: القصة القصيرة جداً ونص الومضة والتوقيعات، والنصوص، والتغريدة والسيرة.

   ويجيء هذا الكتاب (قهوشة)، بلا تصنيف ولا تجنيس من الكاتب المؤلف!! فعلى صفحة الغلاف الخارجي لم نجد تصنيفاً له، وفي المقدمة كذلك، إلا أن المؤلف وضع لنا مع العنوان الداخلي عنواناً فرعياً (قهوشة/ “حكايا شخصية ومآرب أخرى”).

   أما الناشر فقد جنَّس الكتاب وصنفه بأنه (نصوص) تجد ذلك في الصفحة الخاصة بالفهرسة والتصنيف.

   ومع ذلك فأنا أرشح جنس (السيرة الذاتية) كتصنيف كتابي، ومحتوى معرفي، شاهدي في ذلك مجموعة من الكلمات التي قالها الكاتب وكتبها بنفسه مثل:

   (1) ما جاء في العنوان الداخلي قهوشة “حكايا شخصية ومآرب أخرى”.

   فكلمة (حكايا شخصية) توحي بأننا أمام عمل سيري/ سيرذاتي لأن السيرة الذاتية مجموعة من المواقف والأحداث والحكايات الذاتية.

   (2) ما جاء في المقدمة: قهوة هي حكايا شخصية ومواقف حقيقة عشتها…”.

   (3) في الترقيمة (1) غرزة، يبدؤها بقوله: “أنا جنوبي المولد وحجازي النشأة”.

   (4) في الترقيمة (2) يقول: ” والدي رجل عصامي…”.

   وهكذا في كل مسارات الكتاب، وترقيماته نحد (الأنا) و(الذات) حاضرة بضمير المتكلم فتجده طفلاً، ثم طالباً في مراحل التعليم، ثم مشاركاً أحد أصدقائه ومجايليه!!

   وتجد مسميات وأسماء لبعض الأشخاص القريبين والبعيدين:

          – أخي محمد الذي يكبرني ص10.

          – سيدي عبدالله باقارش ص15.

          – مدرس القرآن الأستاذ محمد عمر حلواني ص17.

          – آُمَّي السيدة آمنة باحارث ص39.

   وأسماء لبعض المدن والأحياء: مكة – الحجاز – الحضارم – السعودية – الجنوب – أبها – الرياض – حي الخالدية – الكعكية.

   ومن كل هذا وذاك يتأكد لي – كناقد – أنني أمام عمل سيري تصنيفه الأجناسي هو السيرة الذاتية، بكل حمولاتها المعرفية كما جاءت عند النقاد في هذا المجال التخصصي.

*    *    *

رابعاً: وقفات وتعليقات:

   ولكي لا أفسد على القراء متعة القراءة والتواصل الثقافي مع هذا المنجز الرائع لمؤلفه الشاب أحمد أكرم، سأتوقف عن التوصيف والتحليل لكل فضاءات الكتاب و(ترقيماته)، وألجأ إلى بعض المداخلات والتعليقات في وقفات نقدية يسيرة ومعبرة عن امتناني واحتفائي بهذا العمل لشاب أنيق يضع أول خطواته الكتابية في هذا المنجز السيري.

   3/1 لغة الكاتب وأسلوبه رائع أدبياً وبلاغياً من النوع السهل الممتنع، وهذا يدل على ثقافة الكاتب وتماهيه مع فن الكتابة الإبداعية. تجد فيها الوصف، والتصويرـ تجد فيها تكثيف اللغة وعدم التطويل في السرد، وتجد فيها بلاغة التعبير والإيجاز غير المخل.

   3/2 في الترقيمة (2) صورة مجتمعية ممقوتة أسرياً ودينياً واجتماعياً ولكنها موجودة. وتعجب أن تكون في المجتمعات التعليمية والمدرسية والسكن الجماعي. يلقي عليها الكاتب نظرة تلميحيةـ وإشارات غير صريحة لكنها موحية ودالة. وبيت القصيد فيها تلك العبارة التي ختم بها حيث الأبوان لم يعلما طفلهما كيف يواجه مثل هذه المواقف وكيف التعامل معها!! ص16.

   3/3 في الترقيمة (17) حديث شيق وماتع عن إحدى التجارب الحياتية التي عاشها بطل هذه القصة/ وهو الكاتب المؤلف/ على اعتبار أنه يكتب سيرة ذاتية لاسيرة غيرية!!

   يتحدث عن زواجه الثاني وعدم استمراريته والمفاجأة التي حصلت آنذاك (الحمل والولادة) في ساعة الانفصال وعدم الاستمرار (ص68) قصة شيقة يكتبها بروح أبوية عالية، ومشاعر زوجية راقية وكانت تحتاج إلى الخيال والأبعاد الفانتازية لتدخل إلى عالم السرد القصصي ونتائجه المحتملة، والدروس المفيدة، والعبر االحياتية من هذه السيرة الأسرية والاجتماعية. ولكنه يكثف اللغة ويختزل المواقف ولا يعنيه من الأمر إلا الإشارة والتلميح والقارئ يحلل ويعلل ويضيف من بنات أفكاره ما يكمل الحدث والحكاية!!

   3/4 الترقيمة (23) التي عنوانها (سحر) بلا تشكيل يوضح هوية المفردة هل هي اسم أنثى؟! أم وصف لساعة من الليل قبيل الفجر الصادق؟! أم أنها الفعالية الخارقة للقوانين الدنيوية.! لكن القراءة الكاملة لهذا المحور تفيد أن الحديث عن فتاة اسمها (سَحَر) صديقة وزميلة عمل، وكانت خير زميل توفق بين رأسين بالحلال/ يعني خطَّابة!!

   وفي هذه التجربة الحياتية يتضح لنا انفتاح المجتمع الذكوري على المجتمع النسوي فأصبحنا نسمع بهذه الزمالات والصداقات والإجراءات المنفتحة للوصول إلى تحقيق الأحلام.

   إن دارسي علم الاجتماع المعاصر يحتاجون لكل هذه الكتابات المعاصرة لقياس تطور المجتمعات وتحولها من الانغلاق إلى الانفتاح، ومن المحافظة إلى الحداثة، ومن التَّقْبِيلْ/ القبائلية إلى التمدن، ومن البداوة إلى التحضر والحضارة!!

   3/5 وأخيراً نقف عن الترقيمة (24) المعنونة بـ/ النزيل!! وهي تجربة ذاتية عاشها المؤلف/ مؤلمة ومحزنة عاشها بألم، وتجاوزها بتعلم واستفادة.

   إنها تجربة السجن في ظروف عائلية قاهرة، لكنه عاشها وتعلم منها، وأوصلها لنا كتابياً بأسلوب مبكٍ ومحزن جعلني أتذكر مواقفاً شخصية مشابهة وصفها أحد الشعراء المسجونين بقوله:

السجن لو كان روض كله ثمر

لقُلتُ سجناً، ومن للسجن يختار

   صَوَّر لنا (الزنزانة) و(الكلبشة)، والقلوب الصلدة/ القاسية لبعض العسكر في الإصلاحيات والسجون، وفي نهاية هذا المحور ص98 كتبت ملاحظة من كل قلبي ومشاعري قلت فيها:

   “الله لا يبتلي مسلماً ولا مسلمةً شاباً أو كبيراً بمثل هذه السجون، فهي قيد للحرية، وإذلال للإنسان”.

   وهنا أترك القارئ لإكمال القصة والتجربة اللاذعة/ المحزنة ولكنها كتبت بطريقة وصفية تجسد المكان والإنسان وتشي بلغة صافية أدبية شاعرية!!

*    *    *

ختــــام:

  وهكذا كانت رحلتنا لمعرض الكتاب الدولي في عاصمتنا الرياض، وما كسبناه فيها من معارف ونجاحات هيأها لنا الابن (ريان) وفقه الله وخاصة هذه السهرة المعرفية/ الشبابية.. واكتملت بزيارتنا للأهل والأقارب في الرياض، والمشاركة في الجلسات الحوارية الثقافية التي حاضر فيها الأستاذ الدكتور عبدالله الحيدري عن مؤتمرات الأدباء. وكذلك حضور الأمسية الثقافية التي أقامتها السفارة المصرية ممثلة في الملحقية الثقافية بعنوان العلاقات الثقافية بين مصر والسعودية وشارك فيها الأخ محمد القشعمي والدكتور عبدالله الحيدري وكانت مشاركة متميزة كعادة الزملاء في كل الفعاليات!!

   ومع كل ذلك اكتشفنا وجربنا وتعرَّفنا على (المترو) وسيلة المواصلات الجديدة في العاصمة الرياض، وأنسنا بالتجول في المعرض ولقاء الزملاء من المثقفين والإعلاميين وأساتذة الجامعات، كما سعدنا باقتناء الكتب الجديدة من شعر وتاريخ وتربية وأدب سِيَريْ، وسيكون لنا معها وقفات ودراسات إن شاء الله.، كما سعدنا بزيارة الأستاذ الدكتور عبدالله ثقفان في دارته العامرة وأنسنا بحديثه وثقافته الأندلسية وحول كل ذلك سجلت بعض الانطباعات ونشرت في ملحق الجزيرة الثقافي الجمعة 25 ربيع الثاني 1447هـ، ولعل الأيام القادمة تنبئ عن جديد!!

والحمد لله رب العالمين.

جــــــــدة

من صباح الاثنين 21/4/1447هـ

إلى صباح الاثنين 28/4/1447هـ

 

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *