وصية محب ..

نسأل الله أن يبارك لنا في هذه العشر من ذي الحجة وأن يتقبل منا صالح الأعمال ..

حقيقة الذي دفعني لأن أكتب هذا المقال وبسبب ما يعتصرني من ألم من الأمور فقد وصلتني عشرات الرسائل عبر قنوات التواصل الإجتماعي قبل دخول العشر بأيام وبعد دخولها وحتى الآن والتي تحث على فعل النوافل في هذه الأيام ، فالعمل فيها أجره مضاعف على سائر أيام العام ..

لقد ازدحمت هذه القنوات بهذه الرسائل التي تحث على الصيام والصدقة وقراءة القرآن الكريم وغير ذلك من العبادات ولكن للأسف لم تأتي إلي رسالة واحدة تحث على صلة الأرحام وعدم قطع أواصر الأخوة بين البشر ، وتساءلت في مرارة كيف لنا أن نأتي بنافلة الصوم مثلاً ويعلم الواحد منا أنه مقاطع أخاه أو أباه أو صديقه لأتفه الأسباب .. ما فائدة الصوم أو قراءة القرآن أو الصلاة ونحن لم نردم بعد فجوة الخلاف بين الأقارب والأباعد ونحن جميعاً مسلمون ؟

كيف لنا أن نأتي بل نحث برسائل على استحباب الإتيان بالنوافل ونحن قد تركنا واجبات ولا أظن أن أحد يخالفني في أن صلة الأرحام وتقوية أواصر المحبة والأخوة هي من الواجبات التي حث الشارع الحكيم على إتيانها بل هي من أوكد الواجبات ..

كيف للأخ أن يدخل هذه العشر وهو يعلم أنه مقاطع أخاه ، كيف للأخت أن تصوم وتقرأ القرآن وتصلي النافلة وهي تعلم أنها مقاطعة لأختها أو أمها أو صديقتها أوجارتها لا لسبب مقنع ولكن ربما يكون الخلاف بسبب أناس أجادوا دق إسفين الخلاف بين الناس أو بسبب المادة والأمور التافهة التي أجاد الشيطان حبك خيوطها، وللحقيقة المؤلمة أننا في هذا الزمان نمر بأزمة أخلاق ما أظن أن الدنيا قد مرت بها من قبل ، فيا أيها الناس أي فهم للدين هذا أن الله قد جعل لدخول الجنة شرطاً واحداً وهو ( إلا من أتى الله بقلب سليم) وكل واحد يعلم علم اليقين ويعرف ما هي مقومات القلب السليم التي تدخل الإنسان الجنة ، إنها سلامة القلب معناه أن نترك الحقد والحسد والغيبة والنميمة والمهاترات والحزازات التي لا طائل منها سوى اتساع الفجوة بين الناس ..

القلب السليم هو أن أصفح عن من ظلمني ، هو أن أتجاوز عن بعض الأمور الصغيرة بل حتى الكبيرة ثم بعد ذلك آتي بالنوافل وأنا ظني بخالقي أنه سوف يتقبل مني ما أقوم به من صالح الأعمال ، نعم أنا لا أبالغ في هذا الأمر لم تأتي إلي رسالة واحدة تحثني على نبذ الخلافات وهذا ما آلمني بشدة ..

إن أمور العبادة جداً بسيطة لو أننا نقينا أنفسنا وقلوبنا من أمراضها وأمراض القلوب تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ، إن الله سبحانه وتعالى لرحمته بنا لم يكلفنا مالا نطيقه بل سهل لنا أمر عبادته ، ولنعلم أن الله في غنىً عن عبادتنا وهو الذي أمرنا أن نغسل قلوبنا من أحقادها وحسدها وغلها وكل أمر مشين ، ويرد عباداتنا إلينا لأنها غير مقبولة منا ثم إن فعلنا ذلك أدخلنا جنته لأننا في ذلك الوقت قد أصبحنا كما أراد الله لنا أن نكون حين خلقنا لنكون خلفائه في الأرض وهو غني عنا ونحن فقراء إليه..

نعم إن النوافل مستحبة وفائدتها تعود لنا في دنيانا وعاقبة أمرنا ولكن بشرط أن لا نأتي بها وقد تركنا واجبات جمة خلف ظهورنا وليكن الإنسان على بصيرة من أمره والحذر كل الحذر من عبادات الظاهر وكل يعلم ما أقصد بعبادات الظاهر .. أصلي وأصوم وأقوم الليل وأنا قد تركت خلفي أخ لأشهر أو لسنوات لم ألقي عليه السلام أو صديق قاطعته لأسباب لاتذكر أو أحد الأقارب مقاطع له لسنوات طوال وكل منا يأبى التنازل ونحن نعلم حديث ( خيركم من بدأ بالسلام) ..

نعم هناك أزمة أخلاقية كبيرة جداً .. كل منا أغلق عليه وعلى من يعول بابه وهو يعلم أن خلف هذا الباب الموصد أم مقطوعة وأب تجرع أنواع الهموم بسبب عقوق الأبناء أو أخ يبكي بحرقة لأن أخاه قد هجره وصديق يشتاق إلى صديقه الذي حالت الأمور المادية بينه وبين رؤيته ، نعم قد أغلقنا أبوابنا واتخذنا القاعدة الأنانية التي تقول أنا ومن بعدي الطوفان أو إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر، فلا بارك الله في باب أغلق دون أبي وأمي وأخي وأختي وصديقي..

وفي النهاية هذا مقال للتاريخ وللأخوة الإيمانية التي حث الله بعدم قطع أواصرها وصلة رحم تبكي من القطيعة وبما أمرنا الله بالتواصي بالحق وبالصبر ، فاللهم ردنا إليك رداً جميلاً وأصلح يا الله ذات بيننا واهدنا سبل السلام وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله ربي العالمين.

 

إبراهيم يحيى أبو ليلى

مقالات سابقة للكاتب

9 تعليق على “وصية محب ..

ابو ياسر

جزاك الله خيرا ابا ليلى لقد نبهت الى امر عظيم قديغفل عنه البعض

عبدالله بن عبيدالله بن عطاء

صدقت بارك الله فيك
البعض ينشط للنوافل ويترك الفرائض
والفرائض مقدمة على النوافل

ابوباسم

كالعادة استاذ ابراهيم مقالاتك و اختياراتك للمواضيع دئما موفقة وتشعر القاريء انها نابعة من مشاعر جميلة وأحاسيس صادقة.
ومن أجل ذلك تجد له وقع واثر في النفس .فجزاك الله خيرا ونفع بك وبعلمك وكثر الله من امثالك .

إبراهيم

الأستاذ إبراهيم في هذه المقالة يكشف عن سوء فهم لتعاليم الإسلام الصحيح بين أفراده فيظهرونه في أفعالم وأقوالهم وتعاملاتهم متناقضا مشوها ، فيا للعجب كيف يتصدق من يقتات على المال الحرام وكيف تقبل الصلاة والصدقة ممن عق والديه وكيف ترفع الأعمال الصالحة لمن قطع رحمه فاللهم ألهمنا رشدنا وأصلح ما فسد من أعمالنا.

محمد مبارك البشري

الله يرحمنا برحمته لاخير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقه او معروف اواصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه آجر عظيما

أحمدبن مهنا

الأعمال الصالحة عظيمة كلها وتتفاضل ، الفرائض هي الأفضل ولامقارنة ثم النوافل وتفاضلها فوق فهمنا ! فقولنا الحمدلله تملأ الميزان ، وقولنا سبحان الله وبحمده مائة مرة يغفرالله بها خطايانا ولو كانت مثل زبد البحر ، وصيام يوم في سبيل الله يباعد الله به وجه العبد عن النارسبعين خريفا ! وصيام يوم عرفة يمفر الله به السنة الماضية والقابلة ! فعلا هو أمر عظيم ، فوق مجرد آرائنا ( وقد بين عليه الصلاة والسلام لنا …وعلينا أن نتبع سنته ونؤمن بماجاء به .
ولانعتمد على محض رأينا أو بسيط فكرنا ، فإن هذا مما يفرح به الشيطان لو ظفر به منا . ليفسد علينا من ديننا ، فلايقال مافائدة كذا -من العمل الصالح- ونحن لم نصل رحمنا ؟ ففي القرآن الكريم ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) وفيما ثبت من الحديث ( اتبع الحسنة السيئة تمحها ) وكذلك ثبت في الحديث القدسي أن الله جل وعلا يوم القيامة وعند الحساب يقول ( انظروا هل لعبدي من تطوع ) فيكمل للعبد مانقص من الفريضة من نوافله ، فلم يضر نوافله نقص فرائضه ، بل تكملها له ، فما أعظم النوافل ! ولا يمنع عدم فعل نوع من العمل الصالح نوال أجر آخر والانتفاع به ، ولايشترط لقبول عمل صالح فعل عمل صالح غيره إلا ماكان بسبب تركه الكفر ، فإن الكفر محبط للعمل ( لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) وتفاضل الأعمال ليس بمجرد الرأي حتى نقول مافائدة الصوم مع مقاطعة الأخ ؟ بل لنعلم أن الأعمال كلها الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم … فكما قال جل وعلا في الحديث القدسي ( إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) ثم لنحث أنفسنا ومن نحب وعامة الناس على التنفل بالأعمال الصالحة وإذا أردنا تخصيص عمل لفضل له عرفناه أولتقصير الناس فيه أو غفلتهم عنه فلا نقلل من عمل عظيم آخر من أجل التأكيد على غيره وربما هو دونه في الفضل ، فالأعمال الصالحة لاتتعارض، ومن تمكن من الجمع بين بعضها في يوم واحد فقد ينال الجنة – كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في بعض الأعمال ( لاتجتمع في رجل في يوم واحد إلا دخل الجنة) والعمل الصالح يصلح الأنسان به ( الصوم جنة ) ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) ( أعني على نفسك بكثرة السجود )
( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على مافعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين …
فلا تقللوا من عمل صالح أبدا بل اجتهدوا ولا ندري أي حسنة تقبل ولا التي ترد ، والدين شرع الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ، ليس بالرأي ، (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون ..) وفقني الله وإياكم للعمل الصالح وتقبله منا ورضي عنا
وجزاك الله خيرا أخي إبراهيم أبوليلى ..وغفرلي ولك وللجميع

إبراهيم أبوليلى

تحية طيبة استاذ احمد جزاك الله خيرا على كلامك الطيب كتب لك الله الاجر والمثوبة
استاذي العزيز انا لم اقل برأي ابدا ولكن اقول الأولى على الانسان ان يقدم الواجبات اولا ثم بعد ذلك يأتي بالفرائض فحديث رسول الله صلى عليه وسلم واضح وهو الذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك فما رايك استاذي في الحديث الذي يقول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ((إنَّ فلانة تقوم الليل وتصوم النَّهار، وتفعل وتصَّدَّق، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خير فيها، هي من أهل النار. قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة وتَصَّدَّق بأثوار (قطع من الأقط، وهو لبن جامد) ولا تؤذي أحدًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي من أهل الجنة ))
اليس هذا معناه ان تؤدي ما عليها من حق الجار ثم بعد ذلك تأتي بالنوافل كقيام الليل وصيام النهار والصدقة
والمقصود من مقالي ان نقدم الواجبات اولا ونصلح القلوب ثم نأتي بالنوافل فهناك من حقوق العباد متعلقة في رقبته اي يتصدق وحقوق العباد عنده ايهما اولى ان يؤدي الحقوق اولا ثم يتصدق بعد ذلك ام ان يتصدق ويأتي بالنوافل وحقوق العباد عنده وهناك من هو عاق لوالديه وهو ياتي بالنوافل اليس من الاولى قبل ان ياتي بالنوافل ان يصل والديه ويبرهما هذا هو المقصود ولكن في زماننا هذا نرى عبادات الظاهر قد استولت على الناس ومن المفترض ان نقدم الواجبات المفروضة ثم نأتي بالنوافل وكم وكم شاهدنا اقواما يأتون بنوافل وحقوق الناس عندهم لم يؤدوها بعد وسلامة القلب في اداء الحقوق
فهناك طاعات لا تقبل من العبد ما لم يؤدي ما عليه من واجبات فإن ادى ما عليه يأتي بعد ذلك بما يشاء من النوافل نعم اداء حقوق الخلق مقدمة على الاتيان بالنوافل والحديث السابق واضح جدا ان المرأءة لم ينفعها ولم يفدها قيامها الليل وصيامها النهار وتصدقها مادامت باقية في ايذاء جيرانها جزاك الله خيرا استاذ احمد ونفع الله بك الامة بوركت وسددت ووفقت ورحم الله والديك وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال.

غير معروف

بسم الله الرحمن الرحيم
لفت نظري تعليق للأستاذ الفاضل أبو مهنا على مقالة. ( وصية محب ) لإبي ليلى ، وهو قوله ( أنه يقول في الدين برأيه ويقلل من العمل الصالح ) ، فالرجل في نظري كان واضحا في وصيته حيث كان يحذر من محبطات الأعمال دون أن يقلل من أهمية الأعمال الصالحة من النوافل والمستحبات ، و محبطات الأعمال كثيرة نسأل الله العافية منها كالرياء ، وارتكاب الكبائر، وظلم الناس بالقول والعمل ، وعقوق الوالدين ، وقطع الأرحام ، والجرأة على المعاصي في الخلوات ، فقد جاء في الحديث الذي رواه ابن ماجة عن ثوبان وصححه الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا ” قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال :” أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها !! ” فالكاتب جزاه الله خيرا كان يحذر مما حذر منه نبينا صلى الله عليه وسلم هذا ما فهمته من مقالة أبي ليلى ، فاللهم لا تجعلنا ممن ( ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) . وفي الختام جزى الله الكاتبين خيرا على صلاح النية وشرف المقصد والسلام.

وجهة نظر

كل عام والجميع بخير الكاتب الاديب ابوليلى ما ذكرته من نماذج مع الاسف يعيشون بيننا فكم من اواصر اخوه مقطوعه وعقوق الوالدين اصبح ظاهره وارحام مقطعه البعض منا متدين ظاهريا عليه سمات الصالحين وليس من المصلحين تعجبنا اقوالهم وتصدمنا افعالهم لا ننكر بان هناك الكثير من الصالحين بالافعال قبل الاقوال ولاكنهم يواجهون تحديات يصعب عليهم تجاوزها هذا الواقع في قريتنا اصبحنا احزاب متفرقه وجماعات متناحره لا اخفيك قد اصابتنا برضوض نفسيه وكل حزب يتصنع دور الضحيه ما اتعسه من مجتمع ان تكون العلاقه بين افراده هشه
الله يصلح الحال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *