قبل أن تندمي

السنون تمضي ، والأيام مسرعة ، ولا نتذكر إلا المآثر والأطلال ، دعونا نعود الى زمن مضى ، ونسلط الضوء على مآثر أجدادنا ، وآبائنا وأمهاتنا ، كيف كانت حياتهم ، وكيف حياتنا الآن ، كيف نظرتهم للحياة ، وماهي نظرتنا لها ، رغم بساطة الحياة التي عاشوها ، لكنها مليئة بالانتاج ، والراحة والاستقرار ، والقناعة والبساطة ، والتعاون والإثار ؛ كان شعارها التضحية والصبر ، الجد والنشاط ، الأمل والتوكل على الله ، النظرة للحياة أنها قصيرة وزائلة ، يكفي منها قوت اليوم ، وكسرة الخبر ، والتمر والماء ، لكننا نرى اليوم ، آثار تلك النظرة الصائبة ، كم من الأمهات ، والجدّات ، يتفاخرن بأنهنّ ؛ خَلفن الرجال الشجعان ، أصحاب الهمم العالية ، أهل العلم والثقافة ، والمناصب والحرف والمهن ، وغيرها ، وخلفن الفتيات الصالحات ، المؤدبات الحافظات اللاتي أصبحن أمهات ، يرعين الأسر ، ويحفظن البيوت ، ويقدرن الأزواج ، وهنّ على آثار أمهاتهنّ سائرات !
، لله درّك من جدّه ومن أم ، هذا النَبْت اليانع ، والذًخر الطيب ، تنادي الأم أو الجدّه ، فيبادرها خمسة أو سبعة أوكثر من أولادها و أحفادها ا !

لبيكِ يا أمّاه ، ،،،، لبيك ِ يالغالية ،،،
ماذا تأمرين !!
فتقرً عينها بما ترى من طاعة ، وخفض جناح ، وتسرّ نفسها بالاجتماع بهم بين الفينة والأخرى ، هذا هو الميراث الطيب
الذي يقوم على شؤون والديه بالطاعة والبر في الدنيا ، والدعاء بعد الممات هذا الميراث الذي خلفته الام والجدة ، بعد الصبر والتضحية ، والرعاية والمتابعة.

جاء في الحديث( اذا مات العبد ، انقطع عمله الا من ثلاث ، وذكر منها وولد صالح يدعو له ،،،،،،) رواه مسلم

ثم تأتي الفتاة العصرية كما يطلقون عليها فتاة القرن الحادي والعشرون ، كما يسمونها ، فتاة الحضارة والرقي ، وتقول ، لا أرغب في الزواج الان ، لا أريد الارتباط وتحمّل المسؤلية ، أريد أن أتمتع بحياتي مسكينة من تتبنى هذا الفكر ، أي حياة تتمتع بها الفتاة ، خارج إطار التكوين الأسري ، كم من فتاة ؛ من غرًها هذا الفكر ، وهذا الاحجام عن الزواج المبكر ، بحجة اكمال الدراسة ، ونيل أعلى الوظائف ، وذهبت أعمارهنً في هذا الطلب ، وقد يتحقق مرادهنً ، لكن ماذا بعد ؟ ذهبت السنون ، وتصرمت الأيام ، وزاد العمر ، وفات الركب ، وقلت فرصة الطلب ، حتى بعضهنً تجاوزن الثلاثين ، بل ربما تخطين الخامسة والثلاثين ، ربما حققت أمنيات وأحلام دنيوية ، وفاتها الاستقرار الفطري ، الأسري ، الذي يجمع بين أفراد الأسرة ، أب وأم ،أولاد وبنات ، هذا يدرس وذاك يلعب وآخر يخدم ، وثالث يعمل .

ما أجمل الأسرة عندما تكون متعاونة ومتجانسة ، فأخدت هذه الفتاة تعض أصابع الندم ، أن فاتها قطار الزواج ، وزهرة الشباب ، فعاشت وحيدة ، مات الأب وماتت الأم ، والإخوة والاخوات كل ذهب يشق طريق حياته ، وأصبحت وحيدة ، إما في بيت مستقل إذا لديها إمكانية ، أو تعيش في غرفة عند أخيها أو قريب لها ، نعم البعض منهنّ ؛ قد تعيش في بيت فاخر ، وعندها سيارة فارهة ، وربما خدم وحشم ، لكنها فقدت فطرة الأمومة ، تتمنى تسمع كلمة ( ماما ) تتمني تقول لصاحباتها وقريباتها ، هذا ولدي تخرج من الجامعة ، هذه بنتي حفظت القران تتنمى أن تقول : أدعوكم لزواج ابنتي ، تتمني يدخل عليها أحد أولادها أو بناتها فرحاً بنجاحه ، وتعطيه هدية ومكافأة ، مسكينة هذه الغافلة ، بل المغيبة ، الله يكون في عونها ، ترى من حولها ومن هنّ أصغر منها ، يتمتعن بسماع أصوات الأولاد، وازعاجهم ؛،لكنه سلوى عند الأم ، عندما تؤكّل هذا ، وتمشط تلك ، وتودع ذاك ، وهي تتأمل وتعيد شريط الذكريات ، وتقول ليت الشبابَ يعود يوما …….

لمثل هذا اليوم على الفتاة العاقلة الفطنة التي تخطط للمستقبل ؛ أن تعد له عدته

وتعرف ، أن الحياة الحقيقة ، والسعادة الدنيوية والأخروية ، هي في زوج صالح في سن مبكرة ، وأولاد صالحين ، يبرونها حال الحياة ويدعون لها بعد الممات .

وعليها أن تعتبر بمن أصرّت على تبني هذا الفكر ، ورفضت الزواج في زهرة العمر ، أو وضعت شروطاً غير منطقية في الزوج المنتظر ، فندمت كل الندم ، عندما كَبُرت ، ولم يكن أحدٌ يرغب في الزواج منها ، بل القاعدة الشرعية قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من أتاكم ترضون دينه وخلقه فزوجوه) رواه الترمذي ، وحسنه الألباني

وما أحسن هذا البيت من الشعر :

ألا ليت ريعانَ الشباب جديد
ودهراً تولى يا بُثينَ يعود جميل بثينه

د.صلاح محمد الشيخ
مستشار أسري وتربوي

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “قبل أن تندمي

أبو حازم الحازمي

جزاك الله خير ياشيخ صلاح
على هذا الطرح الجيد ونسأل الله العظيم أن يصلح شباب المسلمين

أم عمر

جزاكم الله خير دكتور صلاح وكتب أجركم ونفع بكم .. وهدى بناتنا وبنات المسلمين جميعا وأنار بصيرتهن انه على كل شيء ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *