الطريق إلى عقولنا!

يغيبُ -كثيراً- عن إدراكنا عُمْقَ سيطرة عواطفنا علينا؛ فهي تجعلنا ننحرفُ باتجاه الأفكار التي تُرضي الأنا لدينا؛ وتقوم بدفْعنا نحو البحث عن برهان يثبت ما نريد تصديقه مسبقاً.
فاللاعقلانية عميقة الجذور فينا؛ إلى الحدّ الذي أصبحت فيه عقولنا محكومة بالعاطفة؛ فهي منسوجة داخل طبيعتنا الحقيقية، ومكون أساسي في بُنية عقولنا.
ففي حين تظن بأنك إنسان عقلاني، لكنك لست عقلانياً، فالعقلانية ليست قوة مجبولة فيك ولدت بها،بل هي قوة تكتسبها بالتدريب والممارسة الواعية.
ومع ذلك تجد أنك لست متصلاً بهذه القوة؛ لأن عقلك مُثْقل بشحناتٍ كبيرة من العواطف المختلفة.
ولعلَّ أولى مهماتك نحو الاتصال بتلك القوة هي النظر في واقع تلك العواطف، فعندما تضعها موضع الفحص الدقيق؛ ستفلت أنت من سيطرتها،وهيمنتها على قراراتك.
وعادةً تكون تلك العواطف ميَّالة إلى تضييق أفق العقل، وتقوم على تغذية عقولنا بفكرة محددة؛ مما يرضي رغبتنا العاجلة بالحصول على القوة أو لفْت الانتباه، لكن في حال تحرُّرك من هذه الرغبة؛ سيكون بإمكانك استقبال الكثير من الخيارات والحلول، وستزداد أناةً وتروياً قبل اتخاذ قراراتك.
حينها ستشعر كأن نفساً ثانية تقف إلى جانب نفسك الأولى، إنها نفس ثانية منطقية وعقلانية، أمَّا النفس الأولى فتراها مدفوعة للقيام بشيءٍ غير عقلاني.
وحتى نحظى بنصيبٍ وافر من العقلانية الموعودة، يمكننا اتّباع الخطوات التالية:
أولاً: حتى تكون إنساناً عقلانياً؛ عليك إدراك ما فيك مِنْ لا عقلانية مُتَجَذِّرَة.
ثانياً: الوعي بـ (اللا عقلانية منخفضة الدرجة) وهي عمل المشاعر والمزاجات المستمرة التي تمر بنا دون مستوى وعينا، وما تُنتجه من تشويه عميق في عملية تفكيرنا من انحيازات حادة مغروسة في أعماقنا.
ثالثاً: فَهْم طبيعة (اللا عقلانية مرتفعة الدرجة) وهي تحدث عندما تشتعل عواطفنا حين نواجه ضغوطاً معينة، وتزداد كثافةً؛لتتحول إلى توجيهنا باتجاه العنف، أو السيطرة على الآخرين، أو الانتقام.
رابعاً: تَعلُّم أساليب استخراج النفس العقلانية، عبر وضع مخططات معينة؛ تُقوي التفكير،وتمنحه قدرةً أكبر في كفاحنا السرمدي أمام عواطفنا.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *