١٧ رمضان يوم الفرقان

ان الله عندما أراد الخير لهذه الأمة بعث فيها خير رسله قاطبة، ولكي يجعلها أمة وسطى تكون شهيدة على الناس ويكون الرسول عليهم شهيدًا، اختار لها خير البشر ليكون رسولها ويخرجها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الاسلام.

نعم بعث محمداً ﷺ على فترة من الرسل بعد أن رجع الناس القهقري بعد نبي الله عيسى عليه السلام وبعد ان عادت الأوثان إلى الأرض وعادت الطواغيت من بشر وحجر وشمس وقمر وجن وشياطين يُعبدون من دون الله الواحد القهار نعم نصبت الأوثان في كل أرجاء الأرض اختلف الناس منهم من غيّر دين عيسى فعبدوه من دون الله وادعوا ظلماً وافكاً وبهتانا بأنه ابن الله “وقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا”.

 وقد الزمهم الحجة في قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) وهذه الحجة ملزمة لكل من ادعى أن عيسى قال لهم اتخذوني وأمي الهين من دون الله ثم يأكد في الزامهم الحجة (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) وسوف يحكم الله بينهم يوم القيامة…

وكذلك نُصبت الأوثان في مكة المكرمة وحول الكعبة ونصبت الأزلام داخل الكعبة وأخذ العرب يستقسمون بها واتخذوا لها أسماء ما انزل الله بها من سلطان “هبل، واساف، ونائلة، واللات، والعزى وغيرها من اسماء الآلة.

ميلاد عابديها اقدم من ميلادها افتراء على الله اذ لا بد أان يبعث الله رسولاً ليرحم الناس بل الانس والجن اذ لا يمكن أن يعبد الناس آلهة من دون الخالق المنعم المهيمن، بعث محمدٌ ﷺ فجن جنون قريش إذ كانوا يرون أن الاصنام حول البيت إنما هي عبادة وتجارة فمكة لهم بمثابة مدينة اقتصاد وهيمنة على العرب الذين يحجون إليها ورأوا أن محمد جاء ليسلبهم امتيازاتهم وتساءلوا في جهالة وجاهلية بل تعجب (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ).

وفي عرفهم كيف يعقل هذا وكيف يستبدلون ٣٠٠ إله بإلهٍ واحد واين يذهبون بهذه الآلة الباقية التي تدر لهم الأموال وتمنحهم السيادة على مكة؟

هذا النبي حتى وأن كانوا يصدقونه في قرارات أنفسهم ويسمونه الأمين ولكن إذا وصل الأمر إلى سلب الامتيازات فنحن له بالمرصاد وفعلاً قامت قريش وشحذت كل همهما وحدها وحديدها لمحاربة الدين الجديد فما كان من المسلمين بقيادة الرسول الكريم ﷺ إلا أن هاجر إلى المدينة المنورة فالأرض كلها لله واينما يستطيع الانسان أن يعبد ربه فهناك موطنه، ولكن تظل مكة هي الموطن الذي لا يُنسى أبدًا وقد ترك المهاجرون كل مالهم وعقارهم بل وافئدتهم في مكة ولابد من الرجوع اليها وقد ظُلموا بإخراجهم منها.

ومثل  أي دين لابد له من مناصرين ومناوئين ولابد للخير والشر أن ينتصر أحدهما على الآخر والخير أولى بالنصر لما يحمل من حق وعدل وفعلا جاءت معركة بدر الكبرى والفاصلة أو يوم الفرقان الذي يفرق الله به بين الحق والباطل وجمعت قريش كل ظلمها وطغيانها وفي الحقيقة هي كانت تبحث عن سبب ولو ضئيل لترد بعض من ماء وجهها حين خرج المسلمون منها وبزعمها أنها لم تنتصف منهم شأن كل الظالمين الطغاة المتجبرين.

 نعم حدثت معركة بدر في السنة الثانية للهجرة وفي شهر رمضان المبارك وفي اليوم السابع عشر منه، ظن أهل قريش وطغاتها أنهم المنتصرون ولكن ليس كل ما يُظن هو حقيقة واقعة فبعض الظن يهلك صاحبه كما حدث لقريش فقد هُزمت شر هزيمة في هذا اليوم وقتل صناديدها ورؤوس الكفر فيها وأُلقوا في قليب بدر ولم ينفعهم ظلمهم ومعاداتهم للحق وصلفهم وكبريائهم اذ ركنوا إليه ويوم بدر هو درس لكل المناوئين للحق وكل الذين يأبون الا التمادي في الطغيان والعنجهية الفارغة والباطل والذين يرون أنهم فوق البشر وأن الله قد آثرهم على غيرهم برغم أنهم يعادون الله ورسوله والذين آمنوا والحق يعلوا ولا يعلى عليه ومهما طال ليل الظلم فلا بد من ان يسطع نور الحق ولا بد ان ينصر الله المظلومين ما داموا متمسكين بحبل الله المتين نعم السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة درس لكل البشر لأصحاب الحق هو نصر لهم وللذين يعارضون الحق هو أيضًا درس لهم ليعودوا إلى رشدهم ويتبعوا سبيل الله.

 

إبراهيم يحيى أبوليلى

 

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “١٧ رمضان يوم الفرقان

عبد العزيز تراوري

مقالة جميلة تذكرنا ب فضل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم علينا فاخرجنا برسالته من غياهب الظلمات إلى فج النور المبين
ف الحمد لله على نعمة الإسلام
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد والشكر

محمدعبادي

مقاله جميله جدا بارك الله فيك يابوليلى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *