رحل بصمتٍ يشبه خشوع المآذن عند الغروب…
رحل أبو فواز، مؤذن مسجد الفرقان، ذلك الصوت الذي كان ينساب في أرجاء الحي نداءً للطمأنينة ودعوةً إلى السكينة.
كم أشرق الفجر على صوته العذب وهو ينادي: “الصلاة خيرٌ من النوم”، فيستيقظ معه نور الإيمان، وتستبشر القلوب بيومٍ جديد.
كان – رحمه الله – رجلًا من أهل الصفاء والصدق، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا.
كان صفحةً ناصعةً من الطهر، يمشي بخطاه الواثقة نحو المسجد، يحمل في ملامحه سِمات الصالحين، وفي سكونه وقار، وفي حديثه صدق نيةٍ ونقاء قلب.
عرفناه مواظبًا على طاعة الله، محبًّا للخير، قريبًا من الناس، لا يُذكر إلا بجميل فعله وعذب سيرته.
بشارة النبي ﷺ للمؤذنين
قال النبي ﷺ: “لا يسمعه مدى صوت المؤذن جنٌّ ولا إنسٌ ولا حجرٌ ولا شجرٌ ولا مدرٌ، إلا شهد له يوم القيامة” رواه البخاري
فيا لها من بشارةٍ عظيمة لعبدٍ نادى باسم الله عمره كله، يدعو الناس إلى الصلاة، ويملأ القلوب بنور الإيمان.
صدى لا يغيب
غاب صوته عن المآذن، لكنه لم يغب عن الأسماع؛ فالأصوات الطيبة لا تموت، بل تظلّ تردّدها الرياح في ذاكرة الزمن، وتستحضرها القلوب كلما حان وقت الأذان.
دعاء ووفاء
اللهم ارحم عبدك أبا فواز، واغفر له بقدر ما نادى باسمك ورفع الأذان في بيوتك، واجعل قبره روضةً من رياض الجنة، ونوّر له فيه بنور وجهك الكريم.
اللهم اربط على قلوب أهله وذويه، وامنحهم صبرًا جميلًا وسلوانًا دائمًا، وخلّد ذكره الطيب ما دامت المآذن ترفع النداء.
خاتمة
إن رحيل الصالحين لا يُبكي الأرض وحدها، بل تبكي عليهم السماء أيضًا؛ فهم الذين كانت حياتهم عبادةً، وأصواتهم طريقًا إلى الله، ونورهم باقٍ ما دام في الأرض من يقول: الله أكبر.
نافع نفيع الصحفي
مقالات سابقة للكاتب