لماذا فنلندا ؟!

في منتصف التسعينيات الميلادية سعى وزير التعليم الراحل الدكتور محمد الرشيد إلى استلهام عدد من تجارب الدول المتقدمة في التعليم ( اليابان ) و ( ماليزيا ) وغيرهما ، وحاول أن ينقل التجربة إلى المملكة العربية السعودية وأرسل وفودًا للدراسة والبحث والتمحيص، وحينها تصدت مجلة المعرفة التي تصدرها الوزارة لتلك الملفات بحماس منقطع النظير ونشرت ملفات كاملة عن كل شيء يخص التعليم في دول مختارة تابعنا حينها معظم ما نُشر والرسالة التي تبناها الوزير الراحل والتي مفادها: أن التعليم هو السبيل الوحيد تقريبًا للرفعة والتقدم ومزاحمة الأمم نحو القمة والتي طالما حلم بأن يرى وطنه وأمته متربعين عليها، كانت المقارنة بين الطالب والمعلم والمدرسة والمنهج والسلوك والنشاط والتجارب وكل ما يخص العمليات التعليمية التي قُوبلت وقتها بالامتعاض والرفض من قبل فريق ، فيما ذهب آخرون لصعوبة المقارنة لأسباب شتى ، لكن حماس الوزير الرشيد لم يتوقف واستمر محاولاً أن نهضم تلك التجارب في مدارسنا.

اليوم بعد سنوات من تجربة الوزير الراحل يتبنى مكتب التعليم في خليص التجربة الفنلندية في التعليم ، ولكن لماذا فنلندا ؟

هناك سبع عشرة جامعة وسبع وعشرون جامعة علوم تطبيقية في فنلندا.

نشر مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة في عام 2008 أن فنلندا من بين أعلى المعدلات في العالم والتي تتعادل لأول مرة مع الدنمارك وأستراليا ونيوزيلندا استنادًا إلى بيانات مؤشر التعليم عام 2006 ،  ومن سمات نجاح وزارة التربية النظام التعليمي الأساسي الموحد للفئة العمرية الواحدة والمعلمون ذوو الكفاءة العالية إضافة إلى الاستقلالية الممنوحة للمدارس، على الرغم من أن فنلندا في السنوات الأخيرة نزحت من المراتب الأولى إلا أنه لديها مرتبة عالية باستمرار في دراسة البرنامج الدولي لتقييم الطلبة PISA التي تقارن النظم التعليمية الوطنية على الصعيد الدولي، ففي دراسة أجريت عام 2012 احتلت فنلندا المرتبة السادسة في القراءة ، والثانية عشرة في الرياضيات ، والخامسة في العلوم ، بينما إذا نظرنا للوراء نجد أنه ففي دراسة أجريت عام 2003 احتلت فنلندا المرتبة الأولى في كل من العلوم والقراءة والثانية في الرياضيات وعلاوة على ذلك صنف التعليم العالي في فنلندا الأول في المنتدى الاقتصادي العالمي.

الحكمة ضالة المؤمن وليس علينا اختراع العجلة من جديد، العالم الذي صار قرية بالفعل هو عالم مفتوح بتجاربه بأخطائه ونجاحاته، والتعليم الذي قاد كوريا من مجتمع زراعي بسيط إلى ما هو عليه حال كوريا اليوم ، أو التعليم الذي حوّل الدول الإسكندنافية محدودة الثروات إلى دول رفاه ومن أعلى العالم دخلًا.

أهلاً بكل تجربة ناجحة تساعد وتسهم في تحولنا لتعليم متفوق وحديث ومتطور.

زينب الجغثمي

مقالات سابقة للكاتب

11 تعليق على “لماذا فنلندا ؟!

يونس

بورك قلمك ، وبوركت كل محاولة تدفع التعليم قدماً للأمام

متابع

شكرا للكاتبة:
ولكن كيف لمكتب تعليم أن يأخذ بتجربة دولية وهو يخضع لنظام تعليمي من وزارة التعليم . لايمكنه أن يطبق التجربة بمعزل عن النظام التعليمي للبلد . وكما تعلمين أن النظام التعليمي له عدة عناصر متشابكة ومترابطة . وتقدم العملية التعليمية يعكس مدى تطوير هذه العناصر من مدرس ومنهج ونظام وموارد بيئية وغيرها . ودون تطوير للعنصر الأكثر تأثيرا في العملية التعليمية ( المعلم ) فلا تنتظري أي نجاح ! ليتك تحدثيننا عن تجربة المكتب . سدد الله قلمك ونفع بعلمك .

نويفعة الصحفي

إن شهرة التعليم الفنلندي قد ألهمت الباحثين والتربويين للبحث عن العوامل الرئيسية التي أدت للنجاح الفنلندي .. فالعديد من البلدان التي تدرك أهمية التعليم كأساس التنافسية والإزدهار في المستقبل لديها اهتمام بتطبيق الخبرة الفنلندية العملية من أجل إنشاء التعليم والمدارس الأفضل أداء . وكما نعلم أن الجودةوالمشار إليها هنا هي حقيقتها عبارة عن مجموعة من العوامل التي تشجع وتساعد على بلوغ نتائج التعليم المنشودة ..
وهذا المقال هو إبداع الحرف والكلمة والأسلوب في وضع النقاط على الحروف في تحديد مدى الحاجة للتعرف على التجارب الفلندية والإستفادة منها في تطوير التعليم والحصول على نتائج افضل مما هي عليه في الواقع .. .
شكرا يا فاتنة الحرف والكلمة بورك فكرك وقلمك ونفعنا الله بك وبأمثالك الرائعين .. شكرا صحيفة غران الموقرة على دعمكم لكل ما من شأنه رفعة مجتمعنا وتقديم الدعم اللامحدود ..

رندا اللبدي

مازلت اراهن عليك ..فأنتِ أيقونة فكر رائعة .. اتمنى لكِ التوفيق

محمد الرايقي

نشكرك كاتبتنا على طرحك
لتجارب الدول المتقدمة في التعليم
على مستوى العالم ومن التجربة الفلندية
ولكن السؤال :
هل البيئة الصفية لدينا مهيأة لتنفيذ تلك التجربة ؟
هل المعلم /ة يمتلكون الخبرة والحماس لانجاح تلك التجربة؟
أسئلة ليس الهدف منها الإحباط أو إيقاف التجربة الفلندية بل الهدف منها إشعال فتيل الحماس والإصرار من أجل الاستفادة من خبرات الآخرين وإن كان ذلك بأقل الادوات المهياة لنا

نويفعة الصحفي

أستاذنا الفاضل ( متابع ) لك خالص شكري على سؤالك القيِّم وتشرفنا بمرورك الكريم وأسعدنا تعليقك، وبصفتي صاحبة المبادرة أردت أن أوضح لحضرتك وللمتابعين الكرام أن التجارب الفنلندية عديدة وبالفعل ليست جميعها مناسبة أو حتى يمكن تطبيقها لعدم اتفاقها مع النظام التعليمي لدينا ولكن ما سيتم نقله لتعليم خليص هي تجارب مستوحاه من التحارب الفنلندية ومطبقة في مدارس المملكة من قبل مدربات قمن بزيارة فنلندا ووقفن على التعليم هناك وطبقن التجارب بمدارسهن وظهرت نتائجها بشكل مبهر وأثرت الميدان التعليمي وأصبحن مدربات ينقلن تجاربهن هنا إلى الميدان التعليمي من باب نشر العلم وزكاة العلم نشره، وأحمد الله أن وفقت شخصيا لحضور هذا التدريب مسبقًا في جامعة دار الحكمة، ولذلك تم انتقائها لتعليم خليص وسيتم شرحها من قبل المدربات لتكون الصورة أوضح سواء في الشرح أو في التطبيق العملي خلال الورشة، ولذلك حرصنا على نقلها لمواكبة النمو التعليمي المتسارع والتطور بكافة مجالاته،
أكرر لك الشكر أخي الكريم وأسأل الله لنا ولكم التوفيق.

ابو اميره

بارك الله فيك كاتبتنا واستاذتنا القديره زينب الجغثمي……
مقال رائع ………
وبصراحة نريد وجود امثالك ليكون تعليمنا تعليم عالمي وليكون تعليمنا بخير …..

2u

عندما نريد نقل تجربه ناجحه لابد ان نراعي البيئه والمجتمع والأسره والمستوى المعيشي
والمستوى الثقافي بين من ننقل منه ومن ننقل اليه بمعنى ان نبحث عن دوله ناميه
تعليمها ناجح وننقله الينا كالباكستان والأردن وماليزيا وغيرها
ويكفينا مانرى اليوم من انحدار في مستوى تعليمنا بسبب نقل التجارب غير الموفقه
من اليابان وامريكا وفرنسا وغرب اوروبا الخ اصبحنا حقل تجارب ننقل ولانبدع
ولو اننا طبقنا النهج الإسلامي في التربيه والتعليم لكفانا نجاحا ولنقلوا عنا

محمد سعيد الصحفي

النظام التعليمي ومخرجاته(في كل المجتمعات)هي نتاج ثقافة مجتمع لذلك تجد أن النتائج العامة لهذا النظام هي مخرجات لها طابع ذلك المجتمع وغالباً مايناسب هنا لا يناسب هناك.
تجربة فنلندا التعليمية والمراكز المتقدمة التي تحققها على مستوى العالم هي نتاج نظام متكامل يبدأ من البيت مروراً بالشارع وجهات التدريب التطبيقية والجهات الخدمية وانتهاءً بالجامعة كنظام مجتمعي متناغم بأعلى درجات التنسيق لتقديم كل الخدمات(التعليم جزء من كل) في أعلى درجات الجودة والإنضباط
تجربة تعطي الوقت (يكاد يكون مقدساً أو هو كذلك) أولوية قصوى في التعاطي مع المنتج الذي يقدم للمجتمع تجد صورة ناصعة له في توقيت وسائل النقل فوق الارض وتحت الارض في انسيابية تامة ، وانضباط الجدول الدراسي إبتداءً وانتهاءً.صفوف انتظار المنتجات(سلع أو خدمات) بإنضباطية ونظام يحترم لا يتقدم فيه أحدٌ على أحدٍ.تجربة يتعاون ويتنافس فيها كل مكونات المجتمع لتقديم أفضل ماعندها من أجل فنلندا الإنسان والمكان.هم فريق عمل متناغم جداً.
في رأي نقل تجارب الآخرين بإنتقائية(تجربة تعليمية ،رياضية ، ترفيهية الخ) يكون غالباً مبتوراً ومنبتاً وستكون تكلفته باهظة جداً حيث تضيع الأوقات وتمر السنون وتضيع الموارد بشقيها البشري (المعلم والطالب كمثال لمناسبته للمقال) والمادي دون جدوى أو فائدة تذكر.
كلنا ينشد النجاح والتقدم في التعليم لكننا نخطيء كثيراً عندما ننقل تجارب الآخرين متناسين أنها نتاج نظام مجتمعي متكامل يعي المطلوب منه تماماً لذا إصلاح التعليم جزء من إصلاح شامل لكل مناحي حياتنا الاجتماعية بكل تفاصيلها حتى نكون لنا تجربة تخصنا نحن دون التجول على موائد أعدت لغيرنا ثم لا نحصل الا على الفتات من هنا هناك. عذراً للإطالة.
((هذه السطور كتبت من واقع تجربة حيث حضر كاتبها دورة تدريبية مدتها ثلاثة أشهر في هلسنكي بفنلندا وبالتحديد في أفضل جامعاتها التطبيقية(هاقاهيليا) مع مجموعة من مدربي الكليات التقنية على مستوى المملكة عام ٢٠١٢ )).

لا نريد أن نثبط أحداً لكننا سئمنا التجارب خاصة التعليمية منها نريد فرقا للتحسين المستمر المبني على معرفة وجودة ولكل مقدمي الخدمات بالمجتمع لا نريد التعليم في وادي والصحة في وادي والرياضة في وادي والبلديات كذلك …وهكذا كل يغني على ليلاه ويغرد لوحده.

حقيقة لكنها مرة المذاق

شكراً للأخت الكاتبة على طرحها لموضوع لا يكاد ينتهي ولا يمل من البحث والطرح.

محمد سعيد الصحفي
الكلية التقنية بجدة

رندا اللبدي

نعم فلربما بيئتنا انقى وأنجح من أي مكان لكن نريد الفرصة فهناك أفكارا إبداعية وأيقونات فكر رائعة لو أعطيت الوقت الكافي والتوجه الصحيح ستنجح بتفوق فقط ثقوا بأنفسكم مادام نهجكم القرآن وطبقوه واخلصوا العمل سنصل بإذن الله …….

متابع

شكرا لك أختنا الفاضلة
على هذا التوضيح . نفع الله بكم وبارك في جهودكم . وكتب الله لجهودكم النجاح ويكفي أنكم تحملون هم الأمة وبناء الأجيال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *