لكي يكون للحياة طعم آخر !

وأنت في طريقك للعمل . ابتسم ! فالكثيرون لا يزالون يبحثون عن عمل . رسالة طرقت جوالي في صبيحة أحد الأيام تم توقيت ارسالها في فترة الذهاب إلى العمل قرأتها وأنا متوقف أثناء زحام الطريق . رسالة جعلتني أفكر ملياً كم هي نعمة عظيمة أن يستيقظ الإنسان في كل صباح وفي نفسه أهدافاً عظيمة ينوي تحقيقها وأي متعة يشعر بها الفرد وهو يلج الى مقر عمله حاملاً آمالاً عريضة وأهدافاً سامية يسعى لتحقيقها .

إن قيمة العمل في حياة الإنسان تشكل أهمية بالغة في استقراره النفسي وتوافقه الاجتماعي لذا نجد أن البطالة من أشد عوامل الانحراف وأكثرها ضرراً على المجتمعات .

إن اتقان العمل الذي تمارسه كل يوم ليس خيارا متاحا بل هو مطلب أساسي (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ). ويروى أن هناك نجاراً ماهرا حاذقاً كبرت به السن فطلب من رئيسه بالشركة احالته للتقاعد فرفُض طلبه نظير ما يتمتع به من مهارة ودقة وخبرة لا تقدر بثمن . فأغراه رئيسه بالمال فرفض لكنه في نهاية الأمر رضخ لطلب رئيسه والذي تمثل في طلب انجاز آخر منزل للشركة ومن ثم يحصل على التقاعد فوافق وشرع في إعداد المنزل بشكل سريع ودون اتقان وليس كعادته في العمل . رغبة منه في انهاء علاقته بالشركة وحين الانتهاء من المشروع تقدم بمفاتيح المنزل لرئيس الشركة وهو يودعه فإذا بالرئيس يستوقفه ويشكره على عمله طوال السنوات الماضية ويزف إليه الخبر أن هذا المنزل هو هدية لك من الشركة ! فصعق الرجل ! وتمنى لو أنه أخلص العمل وأتقن البناء.

إن كل منا نجار يبني لنفسه في هذه الحياة ويرسم له صورة تنعكس حوله فلا بد من أن يحافظ على حسن الأداء في جميع الأحوال والأزمان لأن المستفيد الأول من ذلك هو نفسه قبل الآخرين  .ما أجمل أن ينظر الانسان الى عمله الذي يقوم به أنه عبادة لله فحينها يؤدي العمل بروح عالية ويد متقنه ونفس راجية للخير الذي ينتظرها عند الله . 

إن بث روح التجديد والتغيير والإتقان في مابين أيدينا وما حولنا من الأعمال والأشياء يفتح لنا آفاقاً عظيمة من النجاح . وأنا هنا أدعوك أن لا تشطح بعيداً بخيالك وتتمنى أن تغير العالم من حولك . لا بل ابدأ بنفسك وانظر الى أهم الأشياء في حياتك وابدأ رحلة التغيير والإتقان .

ابدأ بصلاتك  (ارجع فصل فإنك لم تصل) . العمل بلا إتقان مردود على صاحبه تدرج في التغيير إن رحلة التغيير والإتقان التي عزمت على ركوبها ستنقلك الى عالم آخر .. وستكتشف أن للحياة طعم أخر. وعندما تمتطي صهوة التغيير وتمسك بريشة الإتقان ستكتشف مدى ما تملكه أنت من قدرات كانت مخبأة في دهاليز الروتين القاتل والعادات المستحكمة فترة من الزمن.

إن اتقان العمل عموماً والتفاني في جودته لا ينتفع به الآخرون فقط بل ينعكس أثره عليك راحة بال وطمأنينة نفس.

جئتكم بحديث عن الاتقان وأرجو أن لا ينطبق علي المثل باب النجار مخلع !!

عبدالرحمن بن مصلح المزروعي – مرشد طلابي بالمرحلة الثانوية

مقــالات سابقة للكاتب :
مقالات سابقة للكاتب

11 تعليق على “لكي يكون للحياة طعم آخر !

سمـــا.

مقال جدا هادف و قد لامس جزء كبير من حياة كل انسان سوى كان لديه عمل ام عاطل .
فما خُلق الأنس و الجن إلا لغاية وهي عبادة الله عزوجل ، فالعبادة واجبة على الجميع و اياً كان ، و لقد وجوب بها الاتقان لأنها سوف تحدد مصيرنا في النهاية بعد رحمة الله عزوجل فإما جنة او نار .
أستاذ عبد الرحمن : شكرا جزيلاً لك على هذا المقال فقد لفت الانتباه و ارسلت إلى قلوبنا رسالة عظيمة .
تحياتي لك

أبوسعود

من أجمل المقالات في الصحيفة مقالاتك التي أحرص على قراءتها دائماً
القصة التي سردتها هادفة وتوضح المقصود
لو أننا جميعاً اتقنا العمل كما لو كان عملنا الخاص لتغير حال بلادنا وتطورنا لكن …

رجاء مستور

بوركت ابو عاصم فعلا هذا الذي نحتاجه الإتقان والإخلاص في العمل
اخي
ابو سعود
نعم انا كذلك أيد كلامك يعتبر هذا افضل مقال في الصحيفة

اقتراح

اطلب من الصحيفة عمل تصويت على المقالات كل شهر
لأفضل مقال وسوف يكون حينها تنافس ينتج عنه ظهور مقالات
ممتازة ومشاركات افضل

ابو ملاك

مبدع كعادتك ابا عاصم بوركت ورفع الله قدرك .. فعلا لو جعلنا القرآن والسنه شريعة حياه ومنهاجا لافلحنا

امرأه من هذا الزمن ..

مقال راقي .. وقصة معبرة .. ما نستنتجه من ذلك هو مانراه كل يوم في كل صباح هنالك فوارق شخصية بين البشر حول الدافعية للعمل
فمن يعمل من اجل الكسب المادي فقط
فسيعمل بمبدأ “يشتغل لهم على قد فلوسهم”
للأسف هذا المنطق هو السائد هذة الايام.. فتجردت قيمة العمل من ثيابها واصبحت بلا هوية …
فالعمل كيان.. العمل يخلق شعورا بالسعادة والرضا عن النفس
للأسف .. الأن هنالك من يشاركوننا مكاتبنا كل صباح.. ولكن لايشعرون باللذة التي يشعر من يعمل لأجل ان يعمل لسبب بسيط..
فهناك من يعمل ليعيش
وهنالك من يعيش ليعمل
والفرق واضح جدا

شكرا على هذا المقال الهادف ولراقي عل وعسى ان يزرع به بذور المسؤولية في قلوب الكثيرين

مصهلل

هذه الرسائل التي تكون بذره للابداع وبناء المقالات
للاسف قله هم المبدعون فيها وكم احزن على حال جيلنا عندما تشاهد رسائلهم تعصب رياضي او اشاعات الا من رحم ربي
..
مقال غايه في الابداع اخي ابا عاصم
العمل عندما يكون خالصا لوجه الله يصاحبه الاتقان والجوده
ومن خلال تجربه ستصاحبك دعوات المراجعين وتكون سببا في سعادتك احيانا وانت لا تعلم . ( اتحدث عن حالات شاهدتها )
فمن يتزمت ويتعذر عن اداء عمله لاسباب واهنه تجده دائما مكتئب
..
اجعل هدفك دائما رضى الله عز وجل وصدقني رضا الناس سينقاد خلفه مكرها لا بطل ولا تتشائم من سطوة ( الواسطه ) ولو حالت بينك وبين ترقيتك فما عند الله خير وابقى
..
نعتذر عن الاطاله
سجل عندك احد مبدعي غران وهارب من مدارسها ….

ابو خالد الصحفي

روعه يا استاذ عبدالرحمن هالمقال كم كنت اتمن ان يكون حديثه صلى الله عليه وسلم ( إن الله يحب اذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) حاضراً في المقال
بوركت ابا عاصم

مهجي

تسامحوا قبل يوم عرفه …

لأن الرسول صلى الله عليه وسلم
قال يوم عرفه ترفع جميع الاعمال ماعدا المتخاصمين …

اللهم إني عفوت عن جميع خلقك فاعف عني يا أرحم الراحمين

ان اخطأت بحق احد فاعتذر …
سامحوني،،،،،،

سعودي

مقال رائع فائق الجودة
شكرا للكاتب المتمكن

أم البنين

بارك الله في قلمك وعلمك وفكرك
إن الله يحب إذا عمل العبد عملاً أن يتقنه
أين نحن من هذا الحديث ؟
سؤال موجه لكل موظف وموظفة

بشاير القحطاني

مقال رائع جداً جذبني تسلسل الأفكار فيه وتدفق العبارات التوعويه والإرشادات الهادفه عندما أقرأ لما كتبت يداك أتعمّد تكرار القراءه مرةً ومرتين وثلاث لأن مقالاتك تحتوي على نصائح عامه يستفيد منها الجميع وأخرى تربوية لتنمية جيلً واعي فأنت كنزٌ تربوي وإرشادي ينهل منه الجميع لك خالص شكري وتقديري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *