الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد ألأنبياء والمرسلين أما بعد
فقبل أن أخوض في هذا الموضوع أطرح للسادة القراء بعض التقارير والإحصائيات العالمية عن هذا الداء الذي ابتليت به المجتمعات
إحصائيات منظمة الصحة العالمية الجديدة 2014 عن التدخين :
يودي وباء التبغ العالمي بحياة ما يقرب من 6 ملايين شخص سنوياً، منهم أكثر من 000 600 شخص من غير المدخنين الذين يموتون بسبب استنشاق الدخان بشكل غير مباشر ( التدخين القسري)
(أي أن التبغ يتسبب في وفاة 11-12 شخص كل دقيقة. بمعنى شخص يموت كل 5 ثواني).
وتعاطي التبغ هو سبب الوفاة الوحيد في العالم الذي يمكن تجنبه أكثر من غيره، وهو مسؤول حالياً عن وفاة بالغ من أصل 10 بالغين على صعيد العالم.
وإن لم نتحرك اليوم، فإن الوباء سيؤدي إلى وفاة أكثر من 8 ملايين شخص سنوياً بحلول عام 2030.
(تقرير منظمة الصحة العالمية اليوم العالمي للامتناع عن التدخين، 31 أيار/مايو 2014)
(تقرير منظمة الصحة العالمية)
المدخن يفقد 11 دقيقة من عمره مع كل سيجارة فمن يدخن عشرين سيجارة في اليوم يفقد يوما من عمره كل أسبوع.وكل سنة يموت 120.000 مدخن في بريطانيا بسبب عادة التدخين
(الجريدة الطبية البريطانية)
45ألف كندي يموتون سنويا نتيجة أمراض لها صلة بالتدخين. وقال إن على الكنديين أن يعرفوا أن التدخين له صلة مباشرة بعشرين نوعا من أنواع السرطان وأمراضأخرى
) وزير الصحة الكندي)
وقال عنه رئيس الجمعية الأميركية للسرطان جون سيفرين: إنه سلاح الدمار الشامل الوحيد المستخدم ضد جميع شعوب العالم.
وتقول منظمة الصحة العالمية (WHO) في وثيقة العدالة في دعم الصحة 2002م : صدر ما يزيد على 80000 كتاب علمي يربط بين التدخين والعديد من مسببات الوفاة.وأن ثلث سكان العالم من البالغين يدخنون السجائر، ونصف هؤلاء المدخنين معرضون للموت مبكرا. وإذا استمر هذا الاتجاه التصاعدي لهذه الأرقام، فسوف يحصد التبغ أرواح 500 مليون نسمة على قيد الحياة في الوقت الحاضر. وبحلول عام 2020 سوف يتسبب التبغ في وفاه ثلث سكان العالم من البالغين.
ثم استعرض معكم بعض وليست كل مكونات التدخين:
الدخان هو مجموعة من المواد السامة منها:
1-غاز أول أكسيد الفحم.
2-عنصر الرصاص الثقيل السام.
3-مادة البنزوبيرين المسرطنة.
4-النيكوتين .
5-عنصر البلونيوم الذي يتركز في رئة المدخِّن ويفتك بها.
6-القطران: وهي المادة التي تؤدي إلى اصفرار الأسنان.
7-الزرنيخ الذي يُستعمل في إبادة الحشرات.
8-كحول ومواد مُطيبة تضيفها المصانع من أجل الاحتفاظ بالرطوبة في التبغ.
ثم أعرض لكم أضرار التدخين على جسم الإنسان المدخن بشكل مختصر:
التهابات الفم والأسنان وسرطان الفم واللسان والبلعوم والحنجرة و التهابات الشعب الهوائية والرئة وخاصة الدرن و المساهمة الأكيدة في ضيق شرايين القلب وبالتالي تسبب الذبحات الصدرية وجلطات القلب. وقد كشف باحثون في مركز ديكونس الطبي في بوستن في الولايات المتحدة الأمريكية أن كل سيجارة يدخنها المرء يمكن أن تزيد من مخاطر إصابته بالسكتة القلبية. وسرطان المعدة والكلية والمثانة.
أما عن الأضرار على الأطفال التي هي موضوعنا فهي تبدأ قبل ولادة الطفل أي وهي جنين في بطن أمه إن لم يكن قبل تكونه فالمرأة الحامل تتأثر هي ويتأثر جنينها بالتدخين بطريقتين إن كانت هي تدخن فالضرر مباشر وإن كانت لا تدخن ولكن عندها في المنزل من يدخن بجوارها من زوج أو غيره فتتأثر بما يسمى بالتدخين ألقسري ويتأثر جنينها كذلك بالآتي:
• زيادة الإجهاض وخصوصا في الشهور الأولى من الحمل
• زيادة الإصابة بالتشوهات الخلقية لدى الجنين مثل صغر حجم الرأس بالنسبة لباقي الجسم أو كبره وعدم الالتحام الكامل لنصفي الوجه مثل اللهاة المشقوقة أو المفتوحة وبعض حالات الشفة الأرنبية .
• زيادة معدل الإصابة بارتفاع ضغط الدم الذي بدوره يؤدى إلى حالات تسمم الحمل.
• الولادة المبكرة وإنجاب أطفال ناقصي النمو والوزن ( المبتسرين).
• زيادة معدلات وفيات الأطفال حديثي الولادة .
• زيادة معدلات ولادة أطفال موتي نتيجة وفاة داخل الرحم.
• معاناة هؤلاء الأطفال من قصور في الذكاء والأنشطة المخية
وبعد الولادة يتأثر الاطفال بما يسمى بالتدخين القسريأو التدخين بالإكراه أو “التدخين غير الإرادي”وهو استنشاق الدخان الناجم عن ممارسة التدخين من قبل الآخرين.
وهذا النوع لايؤثر على الأطفال فقط بل حتى على الكبار الذينيتعرضون وبشكل يومي للغازات والمواد المنبعثة من تدخين السجائر من زملائهم في العمل، أو تعرض الأسرة عندما يكون أحد أفرادها يدخن، أو في الأماكن العامة مثل وسائل النقل العامة وغيرها.
اما التدخين فى السيارة – مع وجود اطفال بداخلها – يعتبر اكثر سمية بما يزيد عن 23 مرة من داخل المنازل ، ولايزيل هذه الخطورة فتح زجاج السيارة .
وقد كان شعار منظمة الصحة العالمية: في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين لعام 2001 (يُحتفل سنوياً بيوم الامتناع عن التدخين في جميع بلدان العالم في الحادي والثلاثين من أيار/مايو).
(التدخين القسري يقتل؛ فلنعمل على تنقية الهواء)
ولقد ركز اليوم العالمي للامتناع عن التدخين لعام 2001 على مشكلة التدخين القسري وخطورته على الصحة العمومية. ويجمع المجتمع العلمي، مدعوماً بالأدلة التي ظهرت خلال العشرين سنة الماضية، على أنه لا يوجد حد مأمون لتعرض غير المدخنين لدخان المدخنين.
فقد خلصت دراسة نشرها باحثون في اليونان في 29/08/2002م إلى أن استنشاق الدخان الذي ينفثه المدخنون أو ما يعرف بالتدخين القسري يزيد بصورة كبيرة من احتمالات الإصابة بأمراض القلب, وأشار واضعو الدراسة إلى أن “الطريقة الآمنة الوحيدة لحماية غير المدخنين من التعرض لدخان السجائر هو إزالة هذا الخطر الصحي من الأماكن العامة ومن أماكن العمل إضافة إلى إزالته من المنزل”.
وفي دراسة – أجريت على أكثر من أربعة آلاف طفل في الولايات المتحدة ونشرتها مجلة (نيوساينتست) العلمية بين العامين 1988-1994 – جاء من نتائجها أن التدخين القسري يضعف ذكاء الأطفال و يؤثر على قدرات التعلم لديهم.
وهناك بعض الدراسات تشير إلى أن التدخين القسري يزيد خطر إصابة الأطفال بالتهابات الأذن.
ويزيد خطر التدخين القسري على الأطفال إذا كان الطفل حديث الولادة أو يعاني من مرض الربو أو حساسية الصدر أو مرض بالقلب.
والمصيبة الكبرى أن هذا الإبن سيقلد أباه فيما يفعل لأنه ينظر إلى أبيه أنه قدوة له وسيكون مدخنا في الغالب إلا أن يحميه الله من ذلك ففي بعض الدراسات ان 75%من الأطفال المدخنين كان أحد أبويهما أو كليهما مدخن.
صدرالمرسوم السامي في 11/1/1404هـ والذي نص على منع التدخين في مكاتب الوزارات والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة وفروعها وكافة الوحدات التابعة لها ووضع لوحات تحمل عبارات المنع ومتابعة تنفيذ ذلك بكل دقة
الشمة أو النشوق:
انتشر الآن بين الشباب والأطفال استخدام ما يسمى بالنشوق أو الشمة وهذه عبارة عن تبغ مسحوق يسمى في الغرب التبغ غير المُدَخن له نفس أضرار السيجارة على كافة أجهزة الإنسان بالإضافة إلى أثره المباشر على الفم فيزداد عند مستخدميه سرطان اللسان والفم عن غيرهم من الناس.
وهنا ينبغي أن نشير إشارة إلى أضرار الشيشة والمعسل:
المعسل والجراك الأصل فيه التيغ فالمعسل هو تبغ يضاف إليه الدبس ( العسل الأسود ، الشيرة ) . أما الجراك فهو تبغ تضاف إليه مجموعة من الفواكه المتعفنة .
وتظن فئات كثيرة من الناس وخاصة الشباب ان الشيشة اخف ضررا من السيجارة والعكس هو الصحيح فرأس واحد من الشيشة يعادل من 25- 45سيجارةبحسب كمية الجراك أو المعسل الموضوع في الرأس وكلما زادت الكمية كلما زاد الضرر الذي قد يصل إلى 55 سيجارة . ومن الأسباب في زيادة الضرر ما يلي:
1- يحتاج استعمال الشيشة الى نفس كبير وعميق وذلك باطالة الشهيق نظير استخدامها وكذلك لطول الخرطوم المعني بها فيستنشق الشارب لها عناصر التبغ او التنباك اكثر من السيجارة .
2- كمية التبغ في رأس الشيشة أكثر من السيجارة.
3- دوران الماء الذي في الزجاجة يزيد من امتصاص اول اكسيد الكربون السام في الدم.
4- أثبتت دراسة قامت بها جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ان ضرر الشيشة قد يتعدى التبغ والقطران الى المواد المصنعة فيهما وهي مواد مخمرة ومطبوخة ومواد كيميائية ذات رائحة طيارة واصباغ وألوان ونكهات اغرائية وهي ليست تحت رقابة طبية أو مصرحة من وزارة التجارة.
5- خرطومها مستعمليه كثر خصوصا في أماكن تناولها في المقاهي والاستراحات وقد تكون سببا في نقل الأمراض المعديةأقلها الانفلونزا واشدها مرض التهاب الكبد الوبائي فئة (أ.ب.ج) والسل الرئوي.
6- يصاب مدخن الشيشة بمرض الامفزيما في الرئة الذي يعتبر من افتك واشد امراض الجهاز التنفسي والذي يسبب انتفاخ الحويصلات الهوائية وتدميرها مما يؤدي الى زيادة نسبة ثاني اكسيد الكربون ونقص الأكسجين في الدم ومما هو جدير بالذكر ان المريض المصاب بهذا المرض لا يستطيع المشي كثيرا ونهايته الحتمية الوفاة.
7- يتعرض مدخنو الشيشة والمعسل الى الصداع وعدم اتضاح الرؤية، وخفقان القلب والدوار، وتلون الاسنان باللون البني وكذلك التعرض الى نوبات الربو وسرطان الفم وسرطان المثانة.
8- زيادة معدلات اول اكسيد الكربون في دم مدخني الشيشة.
9- يتسبب حرق الجراك بالفحم في زيادة نسبة امتصاص الجسم لأول اكسيد الكربون.
10- قد يزيد تدخين الشيشة والمعسل الى احتمال الاصابة بامراض القلب وتصلب الشرايين والأمراض التنفسية المزمنة، كذلك مستوى الكولسترول في الدم.
12- يرفع تدخين الشيشة من نسبة الحموضة في المعدة، مما يزيد من احتمالات الاصابة بأنواع القرحة.
13- استخدام الشيشة يؤثر تأثيرا بالغا على جمال الوجه حيث يؤدي الى التجاعيد حول العينين وحول الشفاه، ويؤدي كذلك الى تجويف الخد بسبب الجهد العضلي المبذول في حركة الشهيق.
وفي النهاية أعرض لكم حقائق مؤلمة لكل محب لهذه البلاد:
حسب تقرير منظمة الصحة العالمية 2006 فإن المملكة تحتل المرتبة 29بين دول العالم في استهلاك التبغ،حيث يصل معدل عدد السجائر 2130 سيجارة للفرد، ودول الخليج تحرق 800 بليون دولار في العام على التدخين.
ونفس التقرير يذكر أن عدد الوفيات في دول الخليج من جراء التدخين 30 ألف وفاة سنويا وسرطان الرئة يترأس قائمة الوفيات.
نسال الله عز وجل أن يبارك في الجهود التي تقام في هذه البلاد من أجل حماية أبنائنا من خطر هذا الداء سواء الرسمية والتعاونية فالكل مسؤول أنا وأنت وحتى المدخن مسؤول عن أبنائه ومن يحب فيجب أن تتضافر الجهود جميعا من أجمل حماية بلادنا وفلذات أكبادنا والله من وراء القصد.
د. علي أحمد الصحفي
استشاري طب الأطفال والعناية المركزة
مستشفى الولادة والأطفال بجدة
عضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية
مقالات سابقة للكاتب