نشرت صحيفة أم القرى في عام ١٣٨٠ هـ خبراً بعنوان :
خليص تنتج مليون كرتون برتقال في العام
حينما أردت الكتابة عن وادي خليص ماضياً وحاضراً كانت أول شخصية بادرت الى ذهني هو أستاذي أبو سعود الأستاذ عطا الله غنام المغربي فقررت الذهاب إليه و زرته في منزله العامر ووجدت عنده أحد أصدقائي وزملاء المهنة الأستاذ طه المغربي أبا هاشم ، فتناولنا القهوة وانطلقنا إلى سد وادي المرواني (وادي خليص) بالخوار ، وكنا نتحدث سوياً عن خليص ومزارع خليص وعيون خليص كيف كانت من قبل نصف قرن من الزمن جنة خضراء تموج بالبساتين التي تنتج جميع أنواع الفواكه والمزروعات التي كانت تنتج من خيرات الأرض مما لذ وطاب حتى أن صحيفة أم القرى كتبت خبراً بأن وادي خليص ينتج مليون كرتون برتقال في العام ! كان ذلك في عام ١٣٨٠ هـ فسبحان مغير الأحوال ! كيف تغير الحال وصارت إلي ماهي عليه اليوم أرض قاحلة لا حياة فيها ولا ماء ولا زرع !
وادي خليص:
ودعونا نأخذ نبذة معلومات عن وادي خليص الذي يعتبر من أخصب أودية الحجاز على الإطلاق وفيه تصب ٧ أودية هي :
١- وادي وبح
٢- وادي السبعاني
٣- وادي شوان
٤- وادي أهالة العليا
٥- وادي أهالة السفلى
٦- وادي سايا
٧- وادي حضيض
وتلتقي هذه الأودية السبعة جميعها بالقرب من مركز الخوار ، وهو موضع بين جبلين أقيم فيه مؤخراً أكبر سد على مستوى الشرق الأوسط . وقد سرت أنا وأستاذي أبو سعود ورفيق دربنا ( طه ) أبو هاشم بالسيارة في طريقنا الى هذا السد الكبير الذي يعد الان أحد معالم خليص . فمررنا على طريقنا بأودية وشعاب ومنازل قديمة قد اندثرت ، ومزارع كان فيها من الخيرات والأرزاق ما الله به عليم أصبحت أثراً بعد عين ، حيث كانت العيون تجري أنهاراً، والسوافي بين تلك المزارع تسمع لصوت السماء فيها له هدير . يقول أبو سعود كانت تلك الأودية وهذه المزارع في ذلك الزمان والخضرة بها والبساتين التي انتشرت بين أوديتها فلا تسال عن وفرتها ولا عن فاكهتها ولا عن مزروعاتها ، وان كان شجر البرتقال يعد أهم شجرة زرعت وأنتجت منه بوفرة حيث ورد في إحدى صحف الحجاز أنذاك وهي صحيفة أم القرى أن خليص تنتج مليون كرتون برتقال كان ذلك في عام ١٣٨٠ هـ . وكنت أستمع أنفاس محدثي وهي تتألم حسرة على تلك الأيام وهو يطالع اليوم فلا يجد من تلك المزارع غير أثر وهشيم، وجذوع نخل خاوية ، وأرض بعد أن كانت مكتسية خضرة ونضرة أصبحت قفار جرداء يابسة حتى الطير هجرها ، ولم تعد تستمع له تغريداً ولا مواشي ترتع في بواديها ، سبحان من بيده كل شي مقلب الأمور وجاعل من بعد العسر يسراً .
وصلنا آلى سد المرواني وهالني المنظر ووقفنا به بين الهيبة والإعجاب ، سد عظيم شُيد بأعلى المواصفات وأقيم على مراحل وعلى تصريف للسيول عن طريق أنفاقاً أو عبور من الأعلى عندما يمتلئ بالماء . وقفنا به ووجدت هناك عوائل قد نزلت على أطرافه وبوسط مراحله للنزهة والاستمتاع ، ووجدت بالسد بقايا من سيول الأمطار الأخيرة وان كانت قليلة وكأنها ستنضب قبل حلول الصيف . ولاحظت بأسفل السد ممر نفق وشبه مدينة سكنية لإدارة وتشغيل وصيانة السد ، ومع ان مكانها خلف السد يعتبر غير أمن الا أنه يمنحك الثقة بان السد عمل ووضع له احترازات كبيرة أمنه بإذن الله . وبعد أن أخذنا جولة على هذا السد الكبير عدنا الى خليص وأخذ أبن غنام يشرح لي جريان السيول الى خليص من بعد مركز الخوار وعلى ضوئها تتوزع المزارع والأراضي المملوكة لأهل خليص ، فكان لكل منهم سوافي و مشارب تروي أراضيهم ومزارعهم فكانت على النحو التالي :
جنوب وسط شمال
آبار آبار آبار
الطيرة اليلاديه الجفالي
العوم الشيوخ النجيل
الصيوح الحميرات أبيارالصفايدة
المزاريع المرامحة أبيار الغوانم
الننتوقة الليدة أبيار الشعييات
الدخيل بئر بن نافع
أم سدة بئر عبد القادر بن عبد الهادي
بن راجي بئر الرعوجي
حارة المغاربة بئر سعود
الجفالي الروايقه
الكلمتاتي الشوابح
العيوح الجفالي
بئر هييف الصيوح
القرطية أبيار الخزنقية
بئر اسماعيل
الجفالي
وفي نهاية الجولة عدنا إلى حي المغاربة وصلينا المغرب بمسجد بن فرج الله وبالحي الجديد الذي سمي باسم صاحب الأرض فرج الله. وبعد انتهاء الصلاة ونحن بالمسجد التفت إلي أبو سعود وقال هل تعلم أنه كان مكان هذا المسجد مزرعة كبيرة كانت تنتج من كل زرع بهيج وبها بستان به الفواكه من كل صنف ونوع ؟! ، يتذكر ويتحسر على ماَ جميل قد ولى منذ زمن بعيد فواسيته هامساً : كانت بالأمس تعج بالخيرات والطيبات ، واليوم بها من الصلوات والركعات ماهو أطيب وآجر باإذن الله.
ومن هذا المسجد ودعت أبا سعود وصديقنا أبا هاشم على أمل في لقاء قريب قادم نستشرف فيه حاضر ومستقبل خليص الحبيبة.
