ابني لا يصلي !

ممَّا لاشكَّ فيه ، أن الصلاة هي عمود الإسلام ، وركنٌ من أركانه ، وأن الصلاة هي أعظم صلة بين العبد وربه ، وتعليم وتدريب الأبناء على الصلاة ، واجب على الأب والأم ، استجابة لأمر الله تعالى ، وطاعة، بتربية هؤلاء الأبناء ، على طاعة الله ورسوله ، لذا جاء التوجيه النبوي بتعليم وتدريب الأبناء والبنات على الصلاة منذ الصغر ، ففي حديث : عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن النبي – صلى الله عليه وسلم -قال:
(مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْر، وفرقوا بينهم في المضاجع)رواه أحمد وصححه الألباني

انظروا إلى هذا التوجيه النَّبوي الكريم ، يأمرنا أن نأمر أولادنا بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، وهذا السّن لم يكلّف الابن بعد ، وغير واجبة عليه ، وتستمر المتابعة بالأمر والحث على الصلاة إلى سّن عشر سنين ، عندها تتغير الوسيلة إن لم يستجب الابن للصلاة ( واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ) ، طبعاً ؛ ضرب تأديب غير مبرح ، لكن لماذا كل هذا الحرص ، على هذه الشعيرة بالذات ؟ هنا دلالة واضحة ، على أهمية الصلاة ومنزلتها وعظيم قدرها و أثرها في التربية على الهداية والصلاح والاستقامة والتنشئة على حب الخير ، نعم هذه الشعيرة ، التي تقام في اليوم والليلة خمس مرات ، وأنت تتصل بالله تعالى ، فهولاء الأبناء هم ميراثك ، فمن أعظم ما تتركه بعد موتك ، إرثٌ تُخلّفه ، ولد صالح يدعو لك ، ولا يكون الصلاح والاستقامة إلا بتوفيق الله تعالى وهداية أولاً ، ثم بالمثابرة والمتابعة والصبر والمصابرة ، على توجيه وتدريب الأبناء على إقامة الصلاة ، وأدائها على الوجه المشروع الذي جاء عن النَّبي – صلى الله عليه وسلم – ( صلوا كما رأيتموني أصلي )

ولتعلم أيها الأب ، وأيتها الأم أن الأبناء والبنات ، في الغالب ، ينهجون نهج وسيرة من يعايشونهم صباح مساء ، ينظرون إلى فعلهم وإلى سلوكهم وأخلاقهم ، واهتماماتهم ، فعلى قدر همّكم بالصلاة وإقامتها ، وتعظيمها في نفوسكم ، والاهتمام بها ، سيكون سلوك أبنائكم ، لا يجدي أن تقول ( صلّ يا فلان ) ولا يشعر ابنك بأهمية الصلاة وعظمها في قلبه ، إلا إذا رأى تعظيمها في قلبك وقدرها عندك وكذلك البنت مع أمِّها مثل ذلك ..

أرأيتم اهتمامنا بالمدرسة والدروس ، وعدم الغياب ، والتشجيع والهدايا حال التفوق ، والثناء للانجاز ، كيف الأبناء يتسابقون ، على المراكز الأولى ، لأنهم شعورا بأهمية الموضوع ، وربما الخوف من الإخفاق لأن الابن ؛ سيلام من أبيه وأمًه ، وهذا مطلبٌ حياتي ، لا لوم فيه ولا عتاب ، والكل يسعى لأن يكون أولاده من المتفوقين البارزين ، لكننا ، لو عملنا مقارنة بين اهتمامنا بتعليم وحث أبنائنا على أداء الصلوات الخمس ، الحث الذي يشعرهم بعظمها وأنه من فاتته صلاة واحدة ، فقد فاته أمرٌ عظيم ، وخسارة فادحة لا تعوض بعد فوات ذلك اليوم ، لأنه يوم مضى من أعمارنا ، فلو جلس الأب مع نفسه ، ووضع نسبة الاهتمام بين الأمور الحياتية والتطلعات الدنيوية التي يريد تحقيقها من الأبناء وبين الرضا عن إقامة أبنائه للصلاة والاهتمام بها، تُرى كم النسبة المئوية للاهتمام بالحث على الصلاة ٥٠٪؜ ، ٨٠٪؜ أقل ، أكثر ، حتى نقيّم ، ونراجع اهتمامنا في حث أولادنا على إقامة الصلاة ، وكذلك الأمّ مثل ذلك . 

ومن أعظم وصايا لقمان لابنه :
بعد الشهادتين والتوحيد ، إقامة الصلاة ( يابني أقم الصلاة )
# علّم أبناءك أن رسولنا – صلى الله عليه وسلم -كان إذا حزبه أمر يفزع للصلاة
# علّم أبناءك؛ أن آخر وصايا رسولنا -صلى الله عليه وسلم ( الصلاة) رواه ابن ماجة وصححه الألباني ، أي الزموها واهتموا بشأنها ولا تغفلوا عنها،
# علّم أبناءك أن ترك الصلاة كفر
لقوله – صلى الله عليه وسلم – ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقدكفر
وقوله – صلى الله عليه وسلم – ( بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة ) خرجه مسلم في صحيحه،
# علّم أبناءك : قول رسولنا – صلى الله عليه وسلم ( أول ما يحاسب عنه العبد من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر )
وفي رواية ( فإن قَبُلت صلاتُه قَبُل منه سائرُ عمله، وإن ردّت عليه صلاتُه ردّ عليه سائر عمله) رواه النسائي وصححه الألباني .

ثم توج هذه التوجيهات والمتابعة والحث بالدعاء والصلاح والهداية والثبات لهؤلاء الأبناء ، وأن يبارك فيهم  ويحبب إليهم الإيمان ويزينه في قلوبهم ، ويكرًه إليهم الكفر والفسوق والعصيان ، ويجعلهم من الراشدين .

 

د.صلاح محمد الشيخ
مستشار أسري وتربوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *