الحجازيون وشعر الفصحى

توالت على العربية الفصحى العصور والدهور، وهي حية نابضة إلى اليوم لم تندرس ولم يخب تأثيرها في الناس ، وبين هجمات أعدائها وتقصير أبنائها في الدفاع  عنها بقيت  بجمالها وجلالها أداة للتعبير في المواقف الجليلة، والمناسبات العظيمة ،وميادين الثقافة والفنون ، وكأنها تقول :

سأعيش رغم الداء والأعداء
                كالنسر فوق القمة الشماء

نعم ،  إنها لاتزال في وجدان أبنائها تلذ لسماعها آذانهم، وتنتشي بها أرواحهم ، ويكتسب المتحدث بها  جلالا وهيبة وفخامة. ولعل مما يحمدلأهل حاضرة الحجاز” مكة ، وجدة ، والمدينة،  والطائف ” ، حضور الشعر الفصيح في مناسباتهم وأفراحهم إلى اليوم، فلا تخلو مناسبة من مناسباتهم من منشد عذب الصوت يصدح بأجود ما يحفظ من أبيات شعر الفصحى ، فقد جعلوا منه  حلية  يطرزون بها لياليهم السعيدة، وميدانا يتنافسون فيه الحفظ والإنشاد ، وفي مكة خاصة لاتغيب الفصحى عن مجالسهم وأسمارهم فيما يسمونه (المركاز) ، وهو مجلس يجتمعون فيه أوقات فراغهم يتجاذبون أطراف الأحاديث، وينشدون ويستنشدون ما طاب من قصائد الفصحى ، ويستعرضون مواهبهم الفنية ، والأدبية،  والنقدية ، والمركاز أو المراكيز تمثل جزءا من الموروث الثقافي لأهل مكة خاصة والحجاز عامة ، وما مركاز حي المسفلة الذي احتل مساحة في وجدان جيل الرواد من أدباء مكة ومثقفيها عنا ببعيد ، وهو المركاز الذي كان من رواده حمزة شحاتة ، وأحمدقنديل ، ومحمد سعيد العامودي ،وحسين عرب ، وعزيز ضياء ،ومحمد حسين زيدان ، وعبدالله عريف ، وغيرهم من أعلام الحركة الأدبية في بلادنا . فيالجمال مكة وأهلها، (بلدة طيبة ورب غفور).

 إبراهيم القرشي أبو صفوان

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *